في ذكرى رحيل هشام باشراحيل.. حين قاوم القلم عسكرة الحياة المدنية    مناقشة تنفيذ مشروع شبكة الصرف الصحي في مدينة البيضاء    الصين تنشر قائمة ب20دولة قصفتها أمريكا خلال 80 عاما    صنعاء .. اعلان نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية    شبوة أبتليت بجار السوء.. مأرب موطن القتلة والمجرمين وقاطعي الطرق    الارصاد يتوقع هطول امطار رعدية على مناطق واسعة من المرتفعات    سامسونغ Samsung تصنع أجهزة جوالات للتجسس الإسرائيلي لمنطقة الشرق الأوسط    تصريحات بلا أثر.. ومواطن يئن تحت وطأة الجوع والانهيار    من يومياتي في أمريكا .. هنا أموت كل يوم    كوستاريكا تقلب الطاولة على الدومينيكان    اليوم نتائج الشهادة الاساسية وهذه طريقة الحصول على النتيجة    اليوفي يستعرض.. ويتصدر بخماسية العين    ترامب يستضيف قائد الجيش الباكستاني في اجتماع غير مسبوق بالبيت الأبيض    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    شكر الله سعيكم.. نريد حكومة كفاءات    انهيار متواصل للريال اليمني.. أسعار الصرف تواصل التدهور في عدن    مباراة تاريخية للهلال أمام ريال مدريد    إصابة 3 مواطنين إثر 4 صواعق رعدية بوصاب السافل    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد في كأس العالم للأندية    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    إيران تبدأ بإطلاق الصواريخ الثقيلة    اشتداد حدة التوتر بين مسلحين قبليين ومليشيا الحوثي في ذمار    مليشيا الحوثي تختطف عريساً قبل يوم واحد من زفافه    الحوثي والرهان الخاسر    الصبر مختبر العظمة    الفريق السامعي: ما يحدث ل"إيران" ليس النهاية ومن لم يستيقظ اليوم سيتفاجأ بالسقوط    مواطنون يشكون منع النقاط الامنية ادخال الغاز إلى غرب محافظة الضالع    اعتقال صحفي في محافظة حضرموت    إغلاق مطار "بن غوريون" يدفع الصهاينة للمغادرة برا .. هربا من الموت!    كندة: «ابن النصابة» موجّه.. وعمرو أكبر الداعمين    لأول مرة في تاريخه.. الريال اليمني ينهار مجددًا ويكسر حاجز 700 أمام الريال السعودي    عدن بين الذاكرة والنسيان.. نداء من قلب الموروث    مجلس الوزراء يشدد على مواجهة تدهور العملة للتخفيف من معاناة المواطنين    حجة .. إتلاف مواد غذائية منتهية الصلاحية في مديرية المحابشة    اجتماع بصنعاء يناقش جوانب التحضير والتهيئة الإعلامية لمؤتمر الرسول الأعظم    لملس يزور الفنان المسرحي "قاسم عمر" ويُوجه بتحمل تكاليف علاجه    رسميا.. برشلونة يضم خوان جارسيا حتى 2031    الرهوي يناقش التحضيرات الجارية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    مدارج الحب    لاعبو الأهلي تعرضوا للضرب والشتم من قبل ميسي وزملائه    أزمة خانقة بالغاز المنزلي في عدن    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    شرطة صنعاء تحيل 721 قضية للنيابة    بين صنعاء وعدن .. على طريق "بين الجبلين" والتفاؤل الذي اغتالته نقطة أمنية    ترامب يؤكد ان مكان خامنئي معروف ويستبعد استهدافه وإسرائيل تحذّر من انه قد يواجه مصير صدام حسين    الإمارات توضح موقفها من الحرب بين إيران وإسرائيل وتحذر من خطوات "غير محسوبة العواقب"    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    من يومياتي في أمريكا .. بوح..!    حوادث السير تحصد حياة 33 شخصاً خلال النصف الأول من يونيو الجاري    استعدادًا لكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر منتخب الشباب تحت 20 عاما    على خلفية أزمة اختلاط المياه.. إقالة نائب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي بعدن    طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد    بالأدلة التجريبية.. إثبات وجود ذكاء جماعي لدى النمل!    صنعاء .. التربية والتعليم تعمم على المدارس الاهلية بشأن الرسوم الدراسية وعقود المعلمين وقيمة الكتب    القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي يتفقد مستوى الانضباط الوظيفي في هيئات المجلس بعد إجازة عيد الأضحى    علماء عرب ومسلمين اخترعوا اختراعات مفيدة للبشرية    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    اغتيال الشخصية!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب.. ربيع الثورات يئنّ من زوابع خريف الغضب 3

بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاق رياح التغيير عبر ثورات الربيع العربي، لا يبدو المشهد ورديا لأنه لم يحقق شيئا من طموحات الشعوب التي انتفضت على أنظمتها السابقة وأسقطت حكامها في أكثر من بلد عربي في المنطقة.
ويقفز السؤال، لماذا تحولت ثورات الربيع إلى خريف غضب في البلاد التي انتفض شعبها من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية ؟، سؤال ينقسم حوله الكثيرون، بين من يقول إن الربيع لايزال يفرز تداعيات لم تنته، وبين قائل يرى أن خريفا من الغضب هو ما يجري وسيستمر، إلى أن تهدأ الأمور، في وقت يسلم فيه المنتفضون أن الربيع انتهى؟ فهل انتهى بالفعل؟.
تلك الثورات كان يمكن لها أن تحقق شيئا من حلم الجماهير العربية لو قادت نفسها بنفسها، وسارت في طريق واحد فقط هو طريق الحرية والعدالة والمساواة، ولكن لأنها أوطان تتمتع بمواقع وثروات مهمة للغير، كانت الفرصة مواتية أمام الغير للتدخل بصورة مباشرة أحيانا وغير مباشرة في أحيان أخرى، بالتحريض والتأليب لمنع تحقيق ما تريد، والوصول لغاياتها، ولأن أهداف الشعوب.
كانت على النقيض من مصالح الدول الأخرى، وبالذات الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية، ولكل ذلك بدأت حالات من الإرباك والفوضى تعم المشهد العام، ليختلط الحابل بالنابل، حتى أصبحت الصورة أكثر ضبابية وسط رياح عاتية وأيام حبلى بالأحداث لم ينجل غبارها بعد.
مسقط
اختطاف أحلام الشباب والنخب السياسية انتهازية
في ظل صراعات النخب العربية، ومكائد الدول الغربية، وتدخلات الأجندة الأميركية، دخل الشباب العربي مرحلة من اليأس والآمال تتسرب من بين يديه في غد أفضل كان هدفاً أساسياً عندما شمروا سواعد وخرجت مسيراتهم إلى الشوارع، مطالبين بسقوط الأنظمة الفاسدة ورحيل الطغم الحاكمة. ولكن بقي السؤال هل تحققت آمالهم وجنوا حصاد حراكهم؟
يقول المحلل السياسي العماني عوض بن سعيد باقوير إن ثورات الربيع العربي شكلت آمالاً كبيرة وطموحات عديدة لا حدود لها للملايين من الشباب العربي سعياً لإقامة أنظمة سياسية تقوم على مبادئ ومفاهيم جديده قوامها الحرية والعدالة الاجتماعية ووجود فرص حقيقية للشباب للعب دورهم الطليعي في تنمية بلدانهم، في ظل مناخ عام يشهد متغيرات حقيقية على غرار ما حدث في أوروبا الشرقية بعد سقوط حائط برلين.
ولكن بعد مضي ثلاث سنوات من ذلك التحول الثوري في عدد من البلدان العربية، وفي مقدمتها تونس ومصر، فإن الأجواء السياسية دخلت منعطفاً سلبياً وتم اختطاف تلك الأحلام الشبابية ومارست النخب السياسية التقليدية انتهازيتها من جديد، وبدأت معركة الكراسي والاستحواذ، وتفجير صراعات بين تيارات دينية وليبرالية، بل وعادت بعض قيادات الأنظمة المنحلة.
ومن هنا فإن ملامح المشهد العربي مع قدوم العام الجديد تبدو بائسة، حيث الصراعات في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا التي لا تزال تعيش الصراع الدموي الأكثر ضراوة، وهناك بعض الدول العربية، ساهمت من خلال أجنداتها السياسية في خلق وتنامي الصراع.
وبالطبع فإن أحلام تلك الأجيال أصبحت تتجاذبها تلك النخب وعليه فالمستقبل يبدو غامضا الآن، ولن تتضح الأمور خاصة والثورات العربية كان منطلقها سليما، اذ بدأت التخلص أولا من أنظمتها الديكتاتورية، ولكن للأسف وكعادة العرب دائما ما يجهضون الفرص الحقيقية لإيجاد مناخ سياسي جديد تتطلع من خلاله الأجيال إلى حياة كريمة وفرص متساوية، والانطلاق نحو الإبداع والتطور مثلما يحدث في دول أوروبا الشرقية، ودول شرق آسيا، وفي ظل الظروف الحالية.
فإن استقرار الأوضاع يتوقف على المشهد السياسي العام في الدولة العربية الأكبر، وهي مصر فإذا نجح المسار السياسي فيها ، بداية من التصويت بنعم على الدستور، ومروراً بالانتخابات الرئاسية، وانتهاء بالانتخابات البرلمانية، فقد يؤدي ذلك إلى الاستقرار النسبي في بقية الدول، ويحدث أثراً إيجابياً فيها.
وعدا ذلك فإن الصراع السياسي والعنف سوف يستمران للأسف خلال العام الحالي على الأقل في ظل الاستقطاب الإقليمي في تلك الدول، ومن هنا تكون قد ضاعت فرصة تاريخية على ملايين الشباب لتحقيق أحلامهم وآمالهم التي دفعتهم إلى الشوارع لاقتلاع نظم متجذرة مارست الطغيان والبطش لسنوات طوال استشرى فيها الفساد ليلحق بالبلاد والعباد.
موسكو
الجاليات العربية في روسيا منقسمة وتائهة
بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاق رياح التغيير بدول الربيع ، لا يبدو مشهد الجاليات العربية في أقطار المهجر المختلفة، بعيدا كثيرا عن الأوضاع التي نشأت داخليا في المنطقة. ولا تختلف اصطفافات وأوضاع عرب روسيا عن حالة الانقسام الشديد التي يعيشها أبناء جلدتهم.
وبعد انهيار عشرين عاما على انهيار قلعة الشيوعية لم يعد أي من أنصارها في دمشق وبيروت وبغداد يحملون المظلات إذا أمطرت في موسكو، ولا ينتظرون بلاغا من المكتب السياسي في الحزب القائد، أو حتى افتتاحية جريدة البرافدا ليحددوا مواقفهم من قضايا الساعة.
قيادة الكرملين لم تخف تحفظها على التطورات التي شهدتها المنطقة منذ البداية، وأطلق بقايا "المستشرقين" العنان لمخيلتهم للمقارنة بين ثورات الربيع العربي والثورات الملونة في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، وربطوها بالصراع العالمي مع أميركا والامبريالية.
معظم أبناء الجالية أعلنوا بداية انحيازهم المطلق للثورات في تونس وليبيا ومصر، واعتبروا أن العرب باشروا في كتابة تاريخيهم من جديد، إلا أن الانقسام بدأ واضحا بعد التدخل العسكري في ليبيا ومواقف موسكو بأن الغرب خدعها في مجلس الأمن وتجاوز التفويض باستخدام القوة ضد نظام القذافي.
وتعمق الانقسام وبات حادا مع اشتعال الثورة ضد نظام الأسد. في الشهر الماضي اقتحم رئيس اتحاد الطلبة السوريين في موسكو الجموع والحراسات المحيطة بالرئيس فلاديمير بوتين ليقبل يده ويشكره على ما مواقفه في الملف السوري، الخطوة كانت مستهجنة من بوتين الذي لم يألف مثل هذه التصرفات.
وفي المقابل لا يكف معارضو الأسد عن مطالبة القيادة الروسية بالتوقف عن دعم نظام الأسد والانحياز إلى خيار الشعب السوري الطامح إلى الحرية، ويسعى فريق من المقيمين السوريين إلى ترجمة بعض المواد ونشرها في موقع لدعم الثورة السورية.
وفي الأعوام الأخيرة نظم المعارضون والمؤيدون لنظام دمشق مظاهرات ووقفات لشرح "حقيقة" الموقف للشعب الروسي. وفيما يحظى مؤيدو الأسد بدعم إعلامي كبير، ومساندة مؤسسات شعبية، فإن المعارضين شبه معزولين في وسائل الإعلام والشارع.
حرب مفتوحة
ويخوض أبناء الجاليات العربية في موسكو حربا مفتوحة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. الصحفي سامر راشد يقول تشهد الساحة انقساما حادا بين أنصار الثورات ومعارضيها، وتأثير وسائل الإعلام الروسية التي تقدم وجهة نظر واحدة في معظم الأحيان، إضافة إلى الموقف الرسمي وتصريحات المسؤولين حول ما يجري في الوطن العربي.
ويعود الانقسام الحاد إلى المآلات المأسوية التي وصلت إليها أوضاع العرب، من عدم استقرار سياسي في تونس، وفوضى سلاح وأخطار تقسيم في ليبيا، وتفتت بنية الدولة في سوريا، وعودة الأمور في مصر إلى المربع الأول ، بعد الإطاحة بالرئيس مرسي. وطول الفترة الانتقالية واستعجال النتائج أحبط كثيرين من أبناء الجاليات خاصة في ظل التأثيرات الاقتصادية السلبية عليهم وعلى أسرهم .
ويعمق الانقسام بين أفراد الجاليات عودة ألوف العائلات المختلطة للعيش في روسيا، بعد فقدان الأمان في البلدان العربية، فهذه العائلات جاءت بآراء مختلفة وشهادات متعاكسة حول المسؤولية عن تدهور الأوضاع.
المهندس السوري كمال عاد مع زوجته الروسية وابنيه إلى موسكو منذ أشهر، بعد غياب دام 15 عاما، وهما يدعمان الثورة بالمطلق، ويحملان النظام المسؤولية كاملة عن تدمير البلد، وتحويل الصراع إلى حرب أهلية وطائفية. ويؤكدان أن عدم دعم المجتمع الدولي للثورة السلمية أدى إلى بروز المتطرفين، وخروج الآلاف من سوريا بعد أن كانوا يقومون بأعمال الإغاثة.
ولا يرى الطبيب السوري علي حمدان في الأحداث التي تشهدها بلاده إلا الخراب والدمار والتطرف الآتي من الخارج، وضمن مخططات مسبقة لتقسيم المنطقة والاستيلاء عليها، وتستهدف رأس المقاومة لمصلحة إسرائيل.
وخلاصة القول فإن الجالية العربية في روسيا بعد ثلاث سنوات على انطلاق شرارة ثورات الربيع منقسمة بحدة، ولا تقوم بدور مؤثر على أبناء الشعب الروسي أو صناع القرار، أو حتى في التخفيف من ويلات وصعوبات الفترة الانتقالية عن مواطنيهم في البلدان العربية.
المنامة
عفوية الثوار وغياب القيادة أربكا المسار
عندما اشتعلت الثورة في تونس أواخر عام 2010 وتلتها الثورة المصرية بداية 2011، لم تكن الثورتان تحت قيادة معينة ومركزية، بل كان الشارع يقود الحركة الجماهيرية، ومطالب الحرية والعدالة تدفع بالجماهير للشوارع، على أمل تحقيقها وتغيير النظام الذي كان بعيداً عن القواعد الجماهيرية، بل ومناهضاً للعدالة والمساواة والحرية التي كانت تنشدهاالشعوب، هكذا بدأ الأمين العام لجمعية الوسط العربي الإسلامي في مملكة البحرين أحمد سند البنعلي حديثه عن مآلات الثورات العربية بعد ثلاث سنوات، وهي لم تنجز بعد ملفاتها المرصودة على أجندة الجماهير.
وأكد أن تلك الثورات كان يمكن لها أن تحقق شيئاً من الحلم العربي، لو قادت نفسها بنفسها وسارت في طريق واحد فقط، هو طريق الحرية والعدالة والمساواة. وحاول الآخرون التدخل بصورة مباشرة أوغير مباشرة لمنع تحقيق ما تريد، لأن الأهداف كانت على النقيض من مصالح الدول الأخرى، وبالذات الغرب والولايات المتحدة الأميركية.
وأشار إلى أن تلك الدول سارعت لوضع بصمتها وبسرعة لتلحق بما فاتها في تونس، وتبدأ بمصر وليبيا وبعدهما اليمن وسوريا، وكان تدخلها مباشراً في ليبيا وسوريا وغير مباشر في اليمن ومصر، مع محاولة الدخول في مسيرة الثورة في تونس، ما جعل الربيع العربي يتحول إلى خريف عاصف ودويلات ممزقة تتناحر في ما بينها.
والثورات كان يمكن لها النجاح بصورة أفضل بكثير، لو لم تدخل في مكوناتها وتتسلق على أكتافها التيارات المتأسلمة، بدعم من خارج المنطقة، وتصل إلى قمة هرم السلطة، بسبب قوتها التنظيمية التي كانت عليها بدعم من النظام العربي السابق، وتنسيق مع الخارج، وهو ما تبدى مؤخراً من الوثائق التي خرجت تفضح العلاقات التي كانت بين جماعة الإخوان المسلمين مع الغرب.
فتحولت الثورة إلى صراع طائفي بين المكونات الشعبية، ونحى جانباً الصواب والخطأ، وهو مبدأ يقبل الحوار بين الأطراف إلى حلال وحرام يمنع أي حوار بينها، ومنع الاستقرار ونشر الفوضى، بجانب غياب القيادة الواحدة للثوار في كل قطر عربي، ما سمح للدول الأجنبية أن تضع رأيها في مسيرة بعض الحركات الشعبية، وتؤخر، بالتالي، جنيها لثمار ثورتها.
وذلك التدخل وتمكن التيارات المتأسلمة من الوصول إلى السلطة، خدم المخطط الأجنبي كثيراً، وأدى لتمزيق وهدم القوة العربية بعد تحطيم الجيش العراقي، وبعده الليبي، وتحويل تلك الجيوش إلى مجرد قوى أمن داخلي.
وما يبعث على الاطمئنان، تنبه الشعب والجيش المصري لتلك المؤامرة، وإزاحته لجماعة الإخوان من السلطة، بعد أن تكشفت المؤامرة والعمل على إعادة الأمور إلى نصابها من جديد، والحفاظ على توازن وقوة الجيش في مصر.
تدخل صريح
وأكدت الكاتبة والباحثة البحرينية الدكتورة انتصار البناء، أن الإجابة عن العديد من الأسئلة التي أفرزها الحراك الشعبي في الوطن العربي تكاد تكون صعبة، لأن تفسير مرجعيات الأحداث لا تزال غامضة ومتناقضة، واستشراف أفق المستقبل تبدو ضبابية بسبب تحرك جميع التيارات السياسية والأيديولوجية في الوقت نفسه وفي اتجاهات متباعدة، وتدخل الخارج بشكل صريح في العديد من القضايا، خاصة في سوريا وليبيا.
والفوضى التي دخلت فيها بلدان الربيع أدت لاتجاه خطير، يهدد مفهوم الدولة وسلامة وحدتها وتماسك مكوناتها، والعمل على ضرب البنية المؤسسية للدولة بشكل مباشر، وأهم سببين أديا إلى ذلك، وصول الإسلاميين إلى الحكم، واستمرار الجماعات الشبابية وجمعيات حقوق الإنسان على حالهم الرافض.
والإسلاميون بأيديولوجيتهم الإقصائية لديهم مشكلات بنيوية مع قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة والأقليات والمرأة، لذلك يصعب أن يكونوا أداة لتحقيق أهداف الثورات التي ترمي إلى الديمقراطية والمساواة والانفتاح على الآخر، ويعد الاجتياح المرعب للجماعات الجهادية المتطرفة لتلك الدول، بموجة تطرف مخيفة، ستعيدنا قروناً إلى الوراء بدلاً من استشراف المستقبل.
والجماعات الرافضة التي تمتلك تحالفات قوية مع وسائل الإعلام العالمية ومع المنظمات والشخصيات السياسية الدولية، صارت وسيلة من وسائل التشويش على عمليات الإصلاح.
تساقط أوراق الربيع أضاعت معالم الطريق
ما إن انتفضت الشعوب العربية ضد الدكتاتوريات، التي تحكمها في بلدانها، حتى أطلق العالم على ذلك الحراك مسمى "الربيع العربي"، لاسيما أنها جاءت بعد مؤشرات متدنية للتنمية، وبطالة خانقة، وتهميش ممنهج، واستيلاب يستفز المشاعر، ودوامة من المعاناة كان من الطبيعي أن تتكسر على صخرة الرفض وإرادة الشعوب في تغيير واقعها المؤلم.
غير أن الربيع الذي استبشرت فيه الشعوب المتعطشة إلى "الحرية والكرامة"، تساقطت أوراقه وضاعت معالم طريقه، ولم ينع أزهاره، بعد أن اختلط الحابل بالنابل، ليدخل الجميع في متاهات الاقتتال والتناحر، بحثاً عن المناصب وشهوة الكراسي، ليكون الخاسر الأكبر هو المواطن من جديد.
يقول مستشار جمعية الصحافيين الكويتية دكتور عايد المناع، الجميع يعاني إشكالية تداعيات الربيع، خاصة بعد الأحداث التي أعقبت الثورات الشعبية، ومن المتوقع استمرار تلك التداعيات لفترة طويلة حتى تستقر الأوضاع، وتتضح الرؤية.
ومن المستحيل إعطاء قراءة دقيقة للأحداث الحالية في البلدان، التي شهدت الانتفاضات، بالنظر إلى السنوات والعقود الطويلة التي كان يعانيها المواطن البسيط، ومن أسباب الفوضى التي تعيشها الشعوب، شهوة الكتل السياسية في اعتلاء المناصب، وطمع بعض الدول الساعية لموطئ قدم، من أجل زيادة النفوذ والتكسب السياسي، ويشهد التاريخ أن الكلمة الفصل هي للشعوب التي لن تهدأ بعد ثورتها الأولى حتى تتمكن من نيل حقوقها.
ويرى أستاذ الإعلام دكتور خالد العنزي أن الدول العربية التي شهدت الثورات الشعبية لا تزال تعيش مخاضاً عسيراً، ما جعل ما قامت به من تضحيات في إطار التقييم، وما يحدث حالياً من فوضى يعتبر أمراً طبيعياً، لاسيما بعد عقود من حكم الدكتاتورية للشعوب بالحديد والنار.
وساعة الزمن لا يمكن أن تعود إلى الوراء، حتى وإن لم تؤت تلك الثورات ثمارها على المدى القريب، فالكتل السياسية التي استطاعت الصعود على أكتاف شباب الثورات، استثمرت الفرصة بأخطاء فادحة وهي الاستئثار بالمناصب، الأمر الذي أشعل الموقف من جديد، ومن الطبيعي أن تكون هناك فوضى بعد الحكم المطلق، لكن المخاطر تكمن في التناحر المسلح الذي يدفع ثمنه المواطن البسيط.
المرأة
لا شك في أن المرأة العربية لعبت دوراً محورياً في الحراك العربي، إلا أن آمالها في الحصول على حريات وحقوق أكبر، تحطمت على صخرة المجتمع الذكوري الراسخ، ورغم مرور ثلاث سنوات على تلك الانتفاضات، التي أطاحت رؤوس أنظمة شمولية، فإن المرأة وحقوقها هبطت أكثر من ذي قبل!
وتشير الإعلامية استقلال العازمي إلى أن وضع المرأة في جميع البلدان العربية يكاد يتطابق، مع اختلاف بسيط في إعطائها دورها الطبيعي، كونها تمثل أكثر من نصف المجتمعات، رغم أن المرأة لم تغب عن دورها السياسي، بل غُيبت طمعاً في المناصب والأموال.
وأوضحت أن النجاحات والمبادرات التي قامت بها المرأة في جميع الدول العربية من المحيط إلى الخليج، لا بد أن تكون لها نتائج إيجابية على مشاركتها في جميع المجالات، وتحديداً السياسية وفي مراكز صنع القرار، فمعاناة المرأة يجب أن تنتهي، فهي التي ناصفت الرجال في الثورات العربية عبر مقاومة القهر والاستبداد، بل وتعرضت في بعض الدول إلى التنكيل والتعذيب، وللأسف فإن معظم مراكز القرار في معظم الدول العربية،لا تدعم المرأة للحصول على حقوقها، إلا عندما تأتي بضغوط غربية، خشية الانتقادات، وحفاظاً على كراسيها.
البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.