علينا أن ندرك - بداهةً - أن غرس الثقافة التنموية الوطنية الشاملة في نفوس وعقول أبنائنا هي الأساس في منظومة العملية التربوية لإنتاج جيل متسلّح بالمعارف والمهارات والكفاءات.. وقادر على التفاعل الإيجابي مع احتياجات ومتطلبات مجتمع المعرفة والثقافة والحضارة.. هناك عوامل عديدة لتفريخ العنف وارتكاب الأعمال الإرهابية.. منها على سبيل المثال لا الحصر.. الانفلات الأمني.. الأوضاع الاقتصادية الخانقة.. انتشار البطالة بصورة متفشية بين الشباب.. الانفلات الأسري، وضياع الأطفال.. الفقر المدقع الذي يعاني منه 60% من سكان اليمن.. كل هذه العوامل ساعدت على إيجاد بيئة خصبة وجاذبة لتفريخ الجماعات الإرهابية. إن تلك الجماعات الإرهابية التي ترفع اليوم شعار الجهاد المفبرك بأفكار التطرف، والمتمذهب والمتمادي في الغلو والتكفير.. وتدعو إلى القتال ضد كل من يقف ضدها حتى لو كان من الأئمة الأبرار.. واعتمادها الأسلوب الدموي التصفوي ضد معترضيها.. غير مراعين بحياة مئات الأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال الذين يسقطون ضحايا إثر تلك الهجمات الإرهابية الغادرة. إن الإسلام بريء كل البراءة من تلك الجماعات المتأسلمة مبنىً دون معنىً.. التي تحمل أفكاراً متطرفة.. ومتزندقة بالفكر الرافضي البدعي.. وعندما حدثت بدعة الخوارج.. وهم الذين خرجوا على الإمام علي بن أبي طالب «رضي الله عنه وأرضاه» بعد حادثة التحكيم فقاتلهم الإمام علي يوم النهروان.. وقد أمر النبي صلى الله عليه و آله وسلم بقتالهم كما جاء في الاحاديث الصحيحة. علينا ألا نخلط بين مفهوم الأصولية الإسلامية الصافية النقية المستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة.. وبين أصولية تلك الجماعات المتطرفة فكرياً وفقهياً وعقائدياً، وسلوكياً.. التي تبيح سفك الدماء.. وقتل الأبرياء من المسلمين دون جريرة أو إثم ارتكبوه.. فالذين يعتقدون أن للقرآن معنى ظاهراً.. وآخر باطناً هم مخطئون.. وقد افتروا على الله ورسوله.. ليعلم فقهاء القاعدة.. وجهابذة أنصار الشريعة ومن على شاكلتهم في اليمن أو في شبه الجزيرة العربية بل العالم أجمع.. إن من تعاليم ومبادئ وقيم عقيدتنا الإسلامية السمحة.. وهدى رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الدعوة إلى الله، وتبليغ الناس بالتي هي أحسن، والموعظة الحسنة.. مصداقاً لقوله تعالى: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة النحل - الآية: 125.. كان عليه الصلاة والسلام ودوداً، سهلاً، سمحاً مع عامة الناس على اختلاف مشاربهم ودياناتهم.. لا فظّاً.. لا غليظاً في معاملته مع كافة الناس.. يقوّم «الاعوجاج» ويصلح ما أفسده الآخرون بالحكمة والموعظة الحسنة، لا بقوة السلاح.. وسفك الدماء. ما يحدث في زماننا هذا من قتلٍ للأبرياء.. وسفك لدماء الآمنين من قبل عصابات القتل والإرهاب، وجماعات المذاهب المتطرفة فكرياً وعقائدياً.. هم جماعات - للأسف الشديد - فهموا الإسلام فهماً خاطئاً ومقلوباً، بسبب التعبئة الفكرية المنحرفة عقائدياً.. والمفاهيم والأفكار والرؤى والبدع الفاسدة التي أساءت إلى الإسلام كثيراً.. لأن البدع والأفكار الضالة لا تنمو وتفوح قذارتها إلا في ظل الجهالة الجهلاء.. وانزواء أهل العلم والعلماء والإيمان. إن الإسلام يجرّم أسلوب العنف والدماء وقتل الأبرياء جملة وتفصيلاً.. وأن الجماعات التي تتدثر بثوب الإسلام، ولا تفهم من الاسلام إلا اسمه ورسمه.. هم جماعات ضالة مضلة، إنما تجاهد في سبيل إشباع نزواتها وشهواتها الشيطانية المتمردة إرضاءً لكبرائهم وزعمائهم وساداتهم.. وإننا نعيش في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن الشعواء، حتى عمت ديار المسلمين الأخلاط.. وكثر سواد أهل الملل والنحل بين المسلمين.. وصدق رسولنا الكريم القائل: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا يا رسول الله: أمن قلة فينا يومئذٍ؟.. قال عليه الصلاة والسلام: أنتم يومئذٍ كثير، ولكن تكونون كغثاء السيل، تنتزع المهابة من قلوبكم ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟.. قال عليه الصلاة والسلام: حب الدنيا، وكراهية الموت».. وعلى كافة وسائل الإعلام المحلية والعربية خاصةً أن تبتعد عن الخلافات المذهبية وإقحام جوهر الإسلام النقي، وربطه بالإرهاب والجماعات المتطرفة والعنف والقتل وغير ذلك من المصطلحات المسمومة فكرياً وعقائدياً مستغلين الأوضاع السياسية الراهنة التي تمر بها أمتنا العربية والإسلامية بزج الإرهاب والجماعات الإرهابية إلى دائرة الإسلام زوراً وبهتاناً وإثماً. فاللوبي الصهيو أمريكي.. والماسونية العالمية وحلفاؤه وقوى الشر ومن على شاكلتهم لا يهدأ لهم بال.. ولا يستقر لهم حال إلا إذا رأوا بأم أعينهم - عياناً بياناً - شعوب وأمم الدول العربية والإسلامية في حالة غليان وجيشان وبراكين مستعرة للقضاء على الصحوة الإسلامية بسيوف أبنائها.. وسيوف أعدائها.. ولكن هيهات لهم مصداقاً لقوله تعالى: (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) سورة الصف - الآية: 7.. نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين وأن يرشدهم إلى سواء السبيل.