لاشك بأن المسجد منبر تشع منه دعوات الإصلاح والوسطية والاعتدال وتوجيه الناس لما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة ،فالمساجد بيوت أذن الله جل وعلا أن ترفع ويذكر فيها اسمه وتطهر من الأنجاس الحسية والمعنوية كاللغو ورفث الحديث من غيبة وشتم وقيل وقال وتجريح وتحريض. حيث تعمر الصلاة والوعظ والذكر، بيوت أراد الله أن ترفع وأن تكون خاصة لذكره جل شأنه،ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدي الله ورغبة فيما عنده من الأجر الكبير. «وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً». ففي المسجد تتوحد الصفوف وتتجمع القلوب لتلتقي أرواح المسلمين في عبادة الله عز وجل وتعلماً لكتابه تعالى واقتداءً بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلتقي المسلم أخاه المسلم على طاعة الله وحب رسول الله عليه الصلاة والسلام ابتغاء الأجر والثواب من الله بعيداً عن فوارق الدنيا ومعاييرها ومؤثراتها من جاه وسلطان أو مال وأعوان، ولذا يجب أن تتهيأ بيوت الله للمهام التي من أجلها عمرت.. فلا يجوز أن تكون مكاناً للمكايدات السياسية والتعصبات المذهبية ولا للأغراض والأهواء الشخصية، ولايجوز أن يغلب على روادها القيل والقال والمنافرة والخصام أو أن تفرض فيها آراء واجتهادات خاصة شخصية وحزبية أو مذهبية ولاينبغي أن يمنع الخير فيها من تعليم لكتاب الله تعالى وتربية للناشئة والنصح والإرشاد لجمهور الأمة طالما ارتبط ذلك بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والنصيحة الخالصة لله سبحانه وتعالى عملاً بقوله : “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن , إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين”، ولاشك بأن العلماء والخطباء هم أصحاب رسالة عظيمة، إذ يتعلم على أيديهم الجاهل، ويهتدي بهم السالك، وتسمو بتوجيهاتهم النفوس، وتزكو الضمائر فهم الأمناء على ميراث النبوة وحملة الدعوة وينابيع الحكمة ومصابيح الظلمة قد رفعهم الله بالعلم فأكسبهم وقاراً وأعلاهم بالتقوى فصارت لهم ستاراً. لأنهم في الحقيقة يخاطبون عقول الناس بشكل مباشر، فهم الذين يستطيعون ترسيخ الاتجاهات الإيجابية وتعزيز السلوكيات الخيرة، وتعميق الوعي الديني والوطني ،وتغيير السلوكيات السلبية لدى المجتمع،إلى جانب أنهم يقومون بدور تعليمي وتربوي وإعلامي كبير في تشكيل آراء المجتمع وأخلاقيات الأفراد . وقد أكد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للعلماء والخطباء خلال حضوره السبت المنصرم حفل اختتام دورة تدريبية ل 65 خطيب مسجد في 8 محافظات والتي نظمتها على مدى أسبوع الهيئة الوطنية للتوعية تحت شعار «نحو خطيب جامع». بأن عليهم توعية هذه الأمة بمخاطر الأشرار الذين يسفكون دماء الأبرياء ويقتلون النفس المحرمة بدم بارد وييتمون الأطفال ويرملون النساء ويزرعون الحزن في قلوب الآباء والأمهات والشيوخ على أبنائهم الذين يذهبون ضحية لهذه الأعمال الإجرامية والإرهابية التي يرتكبها هؤلاء المتطرفون الذين يدعون أنهم يجاهدون ضد الكفر, فهل هذه الأمة الإسلامية التي يصل تعداد أبنائها إلى مليار ونصف مسلم أمة كافرة وجميع أبنائها كفار, ما عدا تلك الشرذمة وهؤلاء النفر الذين لا يصلون ولا يصومون ولا يقومون ولا يزكون ولا يحجون ولا يعتمرون ولكن يقومون بقطع الطرق وقتل النفس المحرمة. وهو كلام يستوجب على الخطباء والمرشدين العمل على أداء أمانتهم في توعية المجتمع ، خصوصاً في هذه الأيام المباركة من أواخر الشهر الكريم ليتحدثوا بجانب الوعظ الديني والإرشادي عن المسؤوليات الوطنية والإنسانية المناطة بكل فرد وأن يوعوا المجتمع ويحصنوه ضد الممارسات الخاطئة والأفكار الضالة وضد النعرات المقيتة والدعوات الباطلة والمغرضة ،وغرس قيم الوسطية والاعتدال والحث على العمل الصالح وفق الكتاب والسنة، متمنياً أن نرى الخير في خطبائنا وعلمائنا لما فيه لم الشمل ووحدة الصف ونبذ الفرقة عملاً بقوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» والله الموفق .