إن ما يحدث من القائمين على الكهرباء خاصة من إهمال ولا مبالاة لهو قمة الصفاقة وأعلى مراتب التبجُّح، هي حرب نفسية حقيقية علنية منظمة ضد هذا الشعب، تهدف إلى تفتيت عزيمته ودك حصون الأمل بغدٍ أفضل؛ ألا ترون أننا فقدنا الرغبة حتى في أن نسأل: لماذا انقطعت الكهرباء..؟!. كان كلفوت والمخرّبون هم وراء الانقطاعات السابقة، وكل من له مطلب لدى الدولة يلجأ إلى تحطيم أبراج الكهرباء حتى تسارع تلك الجهات إلى مكافأته وتلبية مطالبه لتثبت أنها عاجزة بكل المقاييس الأمنية والتكتيكية. استبشرنا خيراً بوزير الداخلية الجديد، قيل لنا إنه مختلف، تصوّرنا أننا سنحظى بوزير صارم يفرض هيبة الأمن؛ لكن ما حدث أن انقطاع الكهرباء أصبح منظماً أكثر من السابق ودون إبداء أي أسباب، فلم نعد بحاجة إلى شمّاعة كلفوت، ولم تعد هناك أيام أفضل وأخرى أسوأ بعد أن أصبحت كل الأيام أسوأ في ظل هذا التنظيم المحبط والتطاول السافر على حق المواطن. وما حدث ويحدث في وزارة التربية والتعليم مصيبة أخرى لا تقل مقتاً وقبحاً عمّا حدث هناك، وكأنه لا يكفي الطالب وأسرته ما يعانونه في التعليم وسلبياته ومخرجاته الهزيلة، أتساءل: من يعتني بأبسط حقوق المواطنين، من يعتني بأجيالنا القادمة، وبأي قلب يعيش هؤلاء..؟!!. كيف يأكلون ويشربون ويضحكون ويمشون بين الناس، كيف ينامون كباقي البشر وحقوق الأمة معلّقة في أعناقهم، ألم يعد هناك حياء من الله، أليس هناك ضمير ينغّزهم على الأقل..؟!. إن كانوا يظنون أنهم بهذه التصرُّفات الخائنة للوطن والشعب يحقّقون مكسباً شخصياً أو حزبياً، فهم حقاً واهمون، وواهمون أيضاً إن تصوّروا أن كل تلك الجموع التي خرجت ثائرة هي من أتباعهم وممن يأتمرون بأمرهم أو أنها قلّة بدونهم، بل إنها كثيرة ومؤثّرة وقريباً سيعرفون هذا عندما ينادي منادي الترشيح وتتحوّل تلك الوحوش المسعورة إلى قطط متشردة. ليس غريباً أن نجد من الثوار من أعلن ندمه وحزنه على نظام “صالح” مع كل هذا التدهور الأمني والثقل المعيشي، فكل من خرج ثائراً من أجل حياة أفضل، لابد أن يعقد المقارنة بين ما كان عليه وما هو عليه الآن، هل ثرنا من أجل تبديل شخوص المسرحية، أم من أجل تغيير نصّها وأحداثها..؟!. والأكثر كارثية من هذا وذاك هو من يطالب بمنحهم مزيداً من الوقت بحجة أنهم يواجهون فساداً دام عقوداً من الزمن، نحن أمام حكومة عاجزة بكل الاتجاهات، فلم تستطع الحفاظ على ما هو موجود، ناهيك عن صنع النجاحات الجديدة، هي ناجحة فقط في خلق الأعذار وإلقاء المسؤولية على الآخرين ولا شيء أكثر من هذا. كم هي غريبة هذه الحياة، كيف يتحوّل الإنسان إلى أغبى خلق الله عندما يرتبط الأمر بشهوة السلطة، فلا يميّز أنها ما وصلت إليه إلا لأنها لم تدم لغيره، ألا تباً لهم بأي منطق يمنّون أنفسهم بالخلود..؟!.