مما لا شك فيه أن رجال قواتنا المسلحة الأبطال في حرب مقدّسة ضروس ضد قوى الضلال والاستبداد التي عاثت في أرضنا ووطننا فساداً لزمنٍ طويل، تلك القوى التي جاءت إلى وطننا الحبيب من شتّى بقاع العالم لنشر الرعب والخوف بين الآمنين الأبرياء وسفك الدم وانتهاك الحُرمات باسم الدين ورسالته السامية التي أبعد ما يكون أولئك القتلة عنها. يعرف تنظيم «القاعدة» أنهم جماعة إرهابية على مستوى العالم، لا تؤمن بشيء اسمه “الوطن” هدفهم نشر إسلام الذبح والقتل والنهب وحرق البشر أحياء، إسلامٍ نسبوه إلى نبي الرحمة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم، لا علاقة له به ولم يمارسه يوماً ولم يدعُ إليهِ أصحابه رضوان الله عليهم. بالتأكيد إنه بريء مما ينسبون إليه، وإن هؤلاء الوحوش ما هم إلا أعوان الشيطان وخدّامه الذين يسهّلون لأعداء الإسلام كل ما من شأنه النيل من ديننا الرحيم وانتمائنا الإنساني والوطني؛ ولذلك فإن الحرب ضدهم حرب مقدّسة بلا شك، والدفاع عن المواطنين الضعفاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما يجري حولهم من صراعات واجب يفرضه الإحساس بالمسؤولية الدينية والوطنية. إن دين العنف والبطش ليس دين محمد، وكفانا خذلاناً لهذا الرجل العظيم الذي قدّم حياته للبشرية وأفناها من أجل الحق ولا شيء سوى الحق، ليعيش فقيراً ويرحل فقيراً لا ملكاً ولا أميراً. إن ضباط وأفراد قواتنا المسلحة البواسل يقدّمون دماءهم وحياتهم فداءً لنا والوطن، وهم دون شك آباء وأبناء وأرباب أسرٍ، لهم من يتمنّون الحياة بقربه ومن أجله، وإنه لمخزٍ وفاضح أن نقف عاجزين أمام كل هذه التضحيات العظيمة، بل إن هناك من يتخاذل عن نصرتهم ويستعظم في ذلك الكلمة رغم أنها أقل ما يمكن أن يقدّم من أجل وطنٍ نحيا في كنفه. إنه لمن المذهل أن نجد من رجال الدين الكبار من يلزم الصمت حيال أمر كهذا؛ فهل يُعقل أن يسكت شيخ ورجل دين كبير كعبدالمجيد الزنداني عن مناصرة الجيش في حربه وحربنا ضد «القاعدة»..؟!. ربما هناك من أوضح موقفه، لكن هذا لا يجعل شيخاً بحجم الشيخ الزنداني في منأى عن المسؤولية، خاصة أن له مواقف وتصريحات وفتاوى سياسية سابقة كانت واضحة في فترة من الفترات التي تُعتبر حاسمة في تاريخ الجماعة التي ينتمي إليها، إلا إن كان الشيخ الجليل يدعم تلك المقولة التي تداولها البعض حول أن «القاعدة» وتنظيم الإخوان وجهان لعملة واحدة. الآن حصحص الحق أيها الشيخ الجليل، فإن كنتم مثلنا وجيشنا تؤمنون بالإسلام الصحيح الذي جاء به نبي رحيم، لم يكن فظّاً غليظاً، وتؤمنون بالوطن وسيادته؛ فلتعلنوا تضامنكم وتأييدكم الصريح للجيش ودون مواربة، وإن كنتم مثلهم لا تؤمنون إلا بالمواطنة، وترون أن إسلامهم حق، ووجود تلك الجنسيات المشكلة على أرضنا حق لهم، فما عليكم إلا أن ترحلوا عن أرضنا إلى وطن يقبل استيطانكم وأفكاركم، فليس من حقكم أن تكونوا ثواراً أو أطرافاً في أي نزاع يحدث بين أبناء هذا المجتمع الواحد مهما اختلفوا فيما بينهم مالم تكونوا تؤمنون بالوطن فكرة وواقعاً معاشاً نذود عنه نحن وأنتم بأرواحنا وكل غالٍ ونفيس. حصحص الحق أيها الشيخ الجليل فلم يعد للصمت مكان وأرواح جنودنا تُزهق، وأعمارهم تبدّد، فقد آن الأوان لتتضح الصورة ويزول الضباب حول موقفكم وموقف كل العلماء من هذه الحرب، وآن الأوان أن نسمع من كل شيخ صاحب منبر موقفاً شجاعاً ودعاء صادقاً وخطباً تدعم موقف الجيش في حربه مع هذا التنظيم الإرهابي الذي احتل أرضنا دون وجه حق، وعاث فيها فساداً. هذه حرب الوطن ضد أعداء حقيقيين تعرفهم الدنيا، ولا يجهل قبحهم وسوءهم إلا أعمى قلب أو عميل؛ لأن فؤاده لشرّهم ورجسهم، لذلك انتهى وقت التخاذل، وعلى كل جماعة صغيرة كانت أو كبيرة أن تعلن موقفها من هذه الحرب، بل كل شخص له قلمٌ حر أو رأي مسموع بين الناس، فقد آن للأقنعة أن تتساقط وأن نقف أمام أنفسنا ووطننا بوجهٍ واحدٍ واضح كما لم نكن من قبل.