خطورة المشهد السياسي في بلادنا لا تسبّب قلقاً لأبناء الوطن في الداخل فحسب ولكنها تسبّب قلقاً أكثر حدة لدى أبناء اليمن خارج حدود الدولة اليمنية لدى المغتربين الذين يتواجدون في أصقاع الأرض بحثاً عن مصادر الرزق أوالعلم أو العلاج وهم يشعرون بالقلق على وحدة وأمن واستقرار الوطن لأنهم في حقيقة الأمر يتواجدون في الخارج أجساداً أما أرواحهم وعقولهم فهي ملتصقة بقدسية التراب اليمني الذي لا يفارقها لحظة واحدة ولذلك فإن واقع الثورات في الحياة السياسية أشد وطأة على أبناء اليمن الذين يتواجدون في بلدان المهجر. لحظات الجلوس مع المغتربين التي اتيحت لي كانت مليئة بحديث ذي شجون وبالتساؤلات المعبّرة عن الهم الذي لا يفارق المغترب وبالملامح التي لا تفارق أبناء اليمن المتعلقة بقدسية الولاء الوطني الذي لم تهزّه الأحداث ولم تغير في مساره الزوابع والأعاصير بل زادته عمقاً وقوة وانطلاقاً وأعطته مذاقاً ونكهة لا تضاهى أو تقارن وجعلته نفساً مقدّساً لا تنال منه المؤثرات أو الأفعال أياً كانت وهذه صفات أبناء اليمن المرصّعة بقوة الإيمان وعظيم الحكم وشديد الصبر وروائع الاعتصام بحبل الله المتين الذي بات من أعظم صفات أبناء اليمن الأحرار الأتقياء الذين لا يريدون إلا القوة والشموخ لوطنهم العزيز المهاب.. إن القلق الذي لا تخفيه وجوه اليمنيين في بلدان المهجر أحد معالم قوة الشخصية اليمنية، لأن قلقه على قدسية الوحدة الوطنية وعناصر بناء القوة القومية للجمهورية اليمنية جعلته علماً بارزاً يعرفه الآخرون وخصوصاً عندما تشتد وطأة الأزمات في اليمن، الأمر الذي جعل الآخرين يقدّرون ذلك الاحساس المرهف ويضربون به المثل في قوة الانتماء وعظمة الولاء الوطني الذي يجسّده المغترب اليمني في كل سلوكه الحياتية وبعفوية ليس لها نظير جعلتهم محل احترام وتقدير ممن يلاحظون المعاني والدلالات الكبرى لمفهوم الولاء الوطني. إن المغترب اليمني يحتاج إلى الرعاية المطلقة في المنافذ البرية والبحرية والجوية وبما يعزّز روح الاعتزاز بالوطن ويقوي روح الفداء والانتماء ولا يجوز أن يكون في تلك المنافذ من ينال من المغترب أو يؤذي مشاعره وعلى الجهات ذات الاختصاص أن تحسن اختيار المسئولين في تلك المنافذ وأن توجد آليات الرقابة والمحاسبة من أجل حماية المغترب عند عودته من المهجر والأمل كبير في كل الجهات أن تسهم بفاعلية في تعميق مفهوم الولاء الوطني بإذن الله.