يستفز رمضان ذواتنا المتآكلة وذاكرتنا الذاهبة غصباً عنّا لتعود على استحياء في رمضان؛ فنرى الطفولة ورمضان أخوين وتوأمين بفرحهما وتسامحهما؛ يفرح كلٌّ منهما بالآخر، ويبكي كلٌّ منهما على فراق الآخر. ذكريات رمضان عندما كان طفلاً بلا حقد ولا حسد، وأكثر مرحاً وسروراً يتقفّز بين صفوف المصلّين يردّد ما شاء ويصلّي ويدعو ويخوض أشواطاً في اللعب مع مدفع «علي حمود» في المدينة.. أين مدفع علي حمود..؟!. رمضان دونه بلا ذاكرة وأشبه بالأصم، المدينة تطالب بأن يعود المدفع بطيبة نفس لكي يُسمع إلى كل المدينة وضواحي تعز كما كان ومعه يرفع الأطفال أصواتهم ويفرح الصائمون، لمدفع «علي حمود» في تعز حضور سحري يصطف مع التراتيل والتسابيح والفرح الطفولي. «بحجر الله» لا تتآمروا على مدفع «علي حمود» فهو لا ينتمي إلى هذه الحقبة التعيسة، ولا يعرف الكذب ولا المماحكات الحزبية ولا غير الحزبية ولا يقتل أحداً؛ صحيح إنه «مدفع» لكنه مدفع سلام؛ يلعن كل المدافع التي تقتل الأبرياء وتشعل الحروب وتضرب استقرار الدولة. رمضان ضيف جميل وكريم شديد المرح والحب والعبادة والتسامح؛ يستقبله الناس منذ النصف من شعبان التي كانت تُستقبل بطقوس خاصة من الذكر والصيام والعشاء الخاصة كعيد مصغّر اسمه عيد «الشعبانية» بعدها يبدأ الناس في رفع أصوات الترحيب بالقادم الجميل: «مرحّب مرحّب يا رمضاااان يا مرحباً بك يا رمضان» وهي أهازيج تردّدها المرأة والطفل والشيخ والرجل؛ كل الناس يفتحون صدروهم استقبالاً لرمضان كشهر يختزل الزمان ويحتفظ بداخله النور وروح الصالحين وأنفاس العابرين في هذه الأمكنة عبر الأزمنة المتطايرة في طريق الدهرالغريب، من المؤسف ألا نشعر هذه الأيام إلا وقد دهمنا رمضان دون شعور..!!. «بكرة رمضان..؟! مش معقول» تردّد الناس؛ لأنه لم يعد للزمان بركة في هذا السباق المتوحّش والمتوشح السواد والموت والكراهية التي تناقض رمضان وقيم رمضان وروحه الأخروية الرفيعة، ترى هل سيحترم القتلة ومخرّبو الكهرباء والمصالح العامة والطامعون بالاستعلاء على عباد الله رمضان وقيم الناس ويصفّدون أحقادهم ومؤامراتهم التي لم يسبق لها مثيل. كان الأجداد يتصالحون في رمضان، وكان اليمنيون يتفقون حتى وقت الحرب على حماية السبيل والماء ولا يقتربون من المصلحة العامة في كل الأحوال. كانت مصالح العباد وأمنهم مقدّسة لا تُمس، ولا يوجد في اليمن لؤم يلعب بهذه المصالح، اليوم كل شيء يُستخدم أوراق حرب ونكاية بالناس؛ الكهرباء، الماء، النفط، حتى العلم وأسئلة الامتحانات؛ كلها أهداف للأوباش ومجرمي هذا الزمان النحس..!!. رمضان رحمة، ومن لا يدخل في دائرة الرحمة ويترك خبثه ودسائسه على هذا الشعب، نسأل الله أن يقصف عمره ويخذل مسيرته وينكّس رأسه، ويبدلنا أناساً مصلّين على النبي يحملون في قلبهم الرحمة ويستجلبون بسيرتهم الغيث من السماء وبركة ليلة القدر. [email protected]