في ظل الصراعات والأوضاع المتردية في العالم العربي المتمثلة في الاقتتال والحروب الأهلية الدائرة في أكثر من بلد عربي وصل إلى مرحلة خطيرة وهي عدم قبول بعضه لبعضه الآخر فسادت فيه حب الأنانية المطلقة وحب الأنا وكل هذا هو على حساب الوطن الذي أصبح يئن من وطأة وظلم أبنائه له فالكل يريد أن يحكم إما بقوة السلاح أو نفوذ المال أو غيره وما دون ذلك فهو كلام للاستهلاك ليس إلا وما تدعيه بعض الأنظمة بأنها تمارس الديمقراطية في بلدانها فهذا مغاير للحقيقة وللواقع ماعدا لبنان التي تتميز بظروف خاصة مكنتها من التبادل السلمي للسلطة وبالطرق الديمقراطية دون ذلك فالديمقراطية الحقيقية غائبة عن عالمنا العربي فالبعض عندما يصلون إلى السلطة بالأسلوب المقلوب للديمقراطية حتى يظلون متمسكين بها لعقود من الزمن ولن يسلموا السلطة إلا في حالتين إما وصولهم إلى حالة الخرف يكونوا حينها غير قادرين على التمييز في الأشياء نتيجة لتعطل حواسهم الخمس وإما أن يتوفاهم الله وينتقلون إلى جواره حينها يكون الحساب فيما قدموه لشعوبهم وما نهبوه من أموال طائلة اقتطعت من أقوات شعوبهم والتي تئن من وطأة الفقر والجوع بالرغم من الثروات المستخرجة والباطنة من الأرض فكل هذا التسلط المسنود بالقوة والقهر يكون مغلفاً باسم الديمقراطية المذبوحة من الوريد إلى الوريد من قبل أولئك الذين أاتمنتهم شعوبهم بأن يقودوا مسيرتها وأن يخلصوها من آلام الفقر و الجوع والمرض لكن ما كان هو العكس تماماً فأصبح الشعب العربي كله يعاني البؤس وكل أشكال الظلم والقهر والفقر والحرمان نتيجة لسياسات الذين جندوا أنفسهم لنهب المال العام فأصبح الغالبية العظمى من هؤلاء يتنافسون لامتلاك المليارات من الدولارات وكذا الفلل الفاخرة والمدن السياحية وكذا الشركات العملاقة التي تشاركوا بها مع بعض رجال رؤوس الأموال تغطية لفضائحهم فبنوك أوروبا وأمريكا وغيرها من بلدان العالم تؤكد وتثبت صحة الأموال والمليارات المنهوبة وما التقارير التي نسمع عنها من منظمات الشفافية هنا وهناك إلا تأكيد لصحة ما ذكرناه آنفاً، وشتان بين مسئولينا العرب ونظرائهم في أوروبا وأمريكا وكثير من دول آسيا فمثل هؤلاء الرؤساء لا يستطيع أن يأمر بصرف حتى مئة دولار من خزينة الدولة إلا بما يسمح له القانون دون ذلك فيرفض صرف أي مبلغ مهما كان قليلاً حتى لو كان الأمر من رئيس الدولة مع العلم أنه يتم حصر ممتلكاته قبل وبعد انتهاء رئاسته فإذا نمت ممتلكاته وكبرت وكثرت بعد توليه السلطة فإنها تصبح ملكاً للدولة بل يتهم ويحاكم بسرقة المال العام ومن ناحية أخرى لم نسمع أن رئيساً في هذه الدول قد تمسك بالسلطة لأكثر من دورتين انتخابيتين حيث يتم تسليم السلطة بكل رضا وشفافية للخلف المنتخب لذا أقول على حكامنا العرب أن يستفيدوا من تجارب الآخرين في الحكم والسلطة وأن يدركوا تماماً أن السلطة ليست وراثة وليس لأحد الحق في احتكارها أو توريثها كما كان قائماً قبل ثورات الربيع العربي فكان كل رئيس يريد أن يورث ابنه وكأن البلدان لم تنجب أفضل منهم أو أمثالهم فالعصر قد تغير وعلى من هم في السلطة أن يحترموا شعوبهم ولا مجال للاستغباء والماضي لن يعود فعجلة التغيير قد دارت.