أوروبا وأمريكا تدّعيان بأنهما رائدتا الديمقراطية في العالم، وتسميان نفسيهما بالعالم الحر وحماة السلام والعدالة للمستضعفين في الأرض، لكن ما نسمعه منهم- نحن البسطاء على مستوى العالم - يجعلنا نصدقهم ونؤمن أنهم هكذا، وأصبحت الكثير من شعوب العالم تتجه بأنظارها نحوهم طلباً للعون والمساعدة لرفع الظلم عنها خصوصاً تلك الشعوب التي مازالت ترزح تحت نير الظلم والقهر والطغيان.. أمريكا وأوروبا تتدخلان في الكثير من بلدان العالم بذريعة رفع الظلم عن المستضعفين وفرض الديمقراطية فيها. شعارات وخطابات كلها جميلة إلا أن الحقيقة والواقع اللذين نلمسهما خصوصاً نحن العرب يؤكدان غير ذلك تماماً، فأفعال أمريكا وأوروبا أفعال منحازة بالمطلق مع قوى الشر والظلم والطغيان، قوى الاحتلال.. إنه انحياز لاسرائيل وهو انحياز اعمى ضاربة بعرض الحائط بكل الشعارات التي ترفعها والمعادية للعنصرية والظلم. فالشعب الفلسطيني ومنذ ما يقرب من ستين عاماً وهو يرزح ويئن تحت وطأة نظام الاحتلال العنصري الاسرائيلي؛ لأن كل فعل تفعله اسرائيل في الأرض العربية المحتلة يؤكد عنصريتها واستخفافها وإنكارها لحقوق الإنسان، بالرغم من أن اسرائيل كيان غريب على المنطقة وقد غرسته الدول ذاتها التي تناصر الحرية والسلام وتناهض العنصرية في العالم كما تدعي اسرائيل منذ ستين عاماً وهي تقتل وتطرد وتسجن وتشرد شعباً أعزل تهمته أنه يطالب باستعادة حقوقه التي اغتصبت بفعل مؤامرة دولية تسيدتها دول تدّعي الديمقراطية. اسرائيل وأمام العالم أجمع تمارس العنصرية على الأرض ضد العرب داخل إسرائيل بتصنيفهم مواطنين من الدرجة الثانية، اسرائيل أقامت الجدار العنصري العازل بغرض خنق المواطنين الفلسطينيين، وهي أيضاً من قتلت الآلاف من المواطنين العرب بغرض إسكات أصواتهم المطالبة بحقوقهم. كثير من الأفعال والممارسات الاسرائيلية تدينها وتستحق بذلك العزل والعقوبة من المجتمع الدولي، ولو وقف المجتمع الدولي إزاء ما فعلته اسرائيل من سحق وحرق في قطاع غزة دون انحياز أو مجاملة لاسرائيل لطالب بتقديم زعمائها إلى المحاكم الدولية للاقتصاص منهم. لكننا نعيش اليوم عصر النفاق الدولي وما حصل من غياب وانسحابات من أمريكا ودول أوروبية أثناء انعقاد المؤتمر الدولي المناهض للعنصرية الذي انعقد في جنيف مؤخراً إلا دليل على ازدواجية التعامل مع الدول، فقد غابت وانسحبت تلك الدول حتى لا تعطي فرصة للمؤتمر بأن يصنف اسرائيل بأنها دولة عنصرية. وبهذا فقد أثبت أولئك المتشدقون بالديمقراطية والتباهي بها بأنهم أبعد من ذلك بكثير، وصدقوني أنه لولا خوفهم بأنهم سيضحكون عليهم لقالوا إن الفلسطينيين هم العنصريون، وإن الاسرائيليين هم الضحايا. وإزاء هذه المهازل نتساءل: أية حرية ينشدونها، وأية ديمقراطية يريدونها، أهي القتل وبناء الجدار العازل والحصار، وطرد الناس من بيوتهم ومن ثم هدمها لإلغاء معالمها وتسكين الصهاينة المحتلين بدلاً عنهم؟!. أقول: إن هذا هو منطق الغاب الذي يريده الغرب وأمريكا في زمن ليس فيه للعرب أي وزن في ظل العجز والضعف والتشرذم العربي.