بالرغم أن وجه الولاياتالمتحدة القبيح مكشوف للعرب من خلال إنحيازها المطلق لإسرائيل إلا أنهم ظلوا يراهنون على أنها الوسيط الأكفأ والأقدر للضغط على إسرائيل من أجل القبول بالوساطات التي تبذل للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية والتي مضى عليها مايقرب من ستين عاماً وكأنها أشبه بالنعام التي تدفن رأسها في الرمال ولا ترى شيئاً مع أنهم يرون ويلمسون المساعدات العسكرية والاقتصادية الهائلة التي تقدمها أمريكا لإسرائيل وهي الدولة الأولى في العالم التي تحظى بأكبر المساعدات الأمريكية.. إلا أن أمريكا وبعد أن ضيعت عشرات السنين على الفلسطينيين تحت وهم وسراب اللقاءات المباشرة مع الإسرائيليين مطلقة التصريحات المطمئنة بأن حل الدولتين أصبح قاب قوسين أو أدنى وبتلك التصريحات المعسولة والتي كانت وراءها أهداف خبيثة وهي التلاعب بعواطف العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون ظلت السنوات تمضي والقضية لم تتقدم خطوة واحدة باتجاه الحل بينما التلاعب بالوقت كان يمضي لصالح الاحتلال الصهيوني والذي شيد مئات المستوطنات على حساب الأرض العربية وخلال نفس الفترة بين الجدار العنصري الفاصل وشرع القوانين الطاردة للعرب داخل الخط الأخضر بهدف إفراغ الأرض المحتلة منهم وتحويل دولةٍ إسرائيل إلى دولة يهودية عنصرية وهو ماتنادي به اليوم علناً ومن خلال ممارساتها على الأرض، ومع كل ذلك فإن أمريكا اليوم أرادت أن تظهر للعرب وجهها الأكثر قبحاً لتعلن بكل صفاقة أنها غير قادرة على أن تضغط على إسرائيل لتجميد الاستيطان والحقيقة أن مثل هذا الإعلان أو الموقف يعتبر مسرحية هزلية وليس هناك من أحد يصدق أن أمريكا غير قادرة على أن توقف صلف إسرائيل لأن التهديد وحده بقطع المساعدات سواءً كانت عسكرية أم اقتصادية كفيل بأن يجعل إسرائيل توافق وهي صاغرة، لكن الإرادة الأمريكية غير جادة بفعل ذلك معها، وبعد هذا الموقف الأمريكي المفضوح أصلاً منذ بداية تحملها ملف القضية يطرح هذا السؤال الملح أمام القادة الفلسطينيون: ما العمل وهل سيظلون يراهنون على الخداع الذي مورس ضدهم وكانت النتيجة ابتلاع الأرض وتدمير المقدسات أم سيضعون لهم خارطة طريق جديدة تكون أوسع وأشمل وذات آفاق رحبة وهي خارطة تؤدي إلى المحافل الدولية والتوجه إلى دول مؤثرة كالصين وروسيا، والمزيد من التحرك الإعلامي في أوروبا وأمريكا الجنوبية وغيرها من بلدان العالم، لأن قوى الحرية والسلام في العالم بدأت تدرك جيداً أن إسرائيل لاتريد السلام ولاتريد إعادة الأرض إلى أصحابها وقد تجلى ذلك من خلال اعتراف عدد من دول أمريكا الجنوبية بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 67م وعاصمتها القدس وهذا هو بداية الطريق الصحيح.