ما إن اجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة وأصدروا بياناً يطالبون فيه الأممالمتحدة بالاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية التي ستعلن من جانب واحد بعد أن وصل الفلسطينيون إلى مرحلة الإحباط جراء ألاعيب اسرائيل ومماطلتها وتسويفها في كل الاتفاقات المبرمة مع السلطة الفلسطينية، عدد من الحكومات الاسرائيلية تتشكل فيكون مهامها أولاً هو إعادة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني إلى المربع الأول، هذه السياسة أرادت منها اسرائيل إرهاق الفلسطينيين وتتويههم. فاسرائيل تشتغل بكل الاتجاهات، فهي تعمل على إظهار صورتها أمام العالم بأنها جادة في عملية السلام؛ بينما واقع فعلها على الأرض ينفي ذلك جملة وتفصيلاً، فكيف بعملية السلام أن تسير في ظل التهام الأرض وتشريد سكانها وتدمير كل ما هو فلسطيني، مساجد، مزارع مبانٍ سكنية وحتى التاريخ الإسلامي في القدس لم يسلم من العبث والبلطجة الاسرائيلية؟!. مع كل هذا الفعل المنافي والمضاد لعملية السلام تريد اسرائيل حسب زعمها مواصلة السير في عملية السلام، وهي بذلك تريد أن تلعب أكثر بأعصاب وعقول الفلسطينيين، إلا أن هذه الأساليب أصبحت مكشوفة ومفضوحة. ونحن هنا لا نستغرب ما تفعله اسرائيل ورفضها المطلق للتحرك الفلسطيني والعربي بإعلان الدولة الفلسطينية؛ بل الاستغراب هنا هو الرفض الذي لا يقل حدة عن الرفض الاسرائيلي الذي أعلنته الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وهم من يرعون عملية السلام. وهذا الموقف المخجل قد كشف الغطاء الحقيقي لأمريكا وأوروبا، وأن مسرحية السلام التي يرعونها ليست إلا كذباً ولعباً بالوقت بينما يدفعون اسرائيل بفرض الأمر الواقع على الأرض. ونتساءل هنا: طالما وهم لا يريدون الفلسطينيين إعلان دولتهم من جانب واحد، فلماذا لا يمنعون اسرائيل من مواصلة الاستيطان؟!. وهنا أقول إن العملية أصبحت مكشوفة وليس فيها إلا لعب أدوار بين اسرائيل وحلفائها في أمريكا وأوروبا، ومن خلال هذا الموقف المنحاز على العرب أن يقتنعوا وبشكل مطلق أن السلام واسترداد الحقوق ليس عبر أمريكا والغرب بل اتخاذ مواقف جريئة وموحدة تعيد للعرب وزنهم وهيبتهم، وهناك الكثير من المواقف الكفيلة بتحول السياسة الأوروبية والأمريكية لصالح العرب، وهذا ما يؤكده المحللون والعارفون بأسرار السياسة الأمريكية. ومن أهم هذه المواقف هي إعادة النظر في العلاقات الديبلوماسية مع الدول الداعمة لاسرائيل، كما أن المقاطعة التجارية مع تلك البلدان هي سلاح قوي بيد العرب؛ لأن عالم اليوم لا يفهم إلا لغة المصالح، وعدم إيداع الأموال العربية في مصارف وبنوك تلك الدول، مع كل ذلك دعم المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، كل هذه الأسلحة تعتبر أمضى من الحروب.