المواطن العربي على امتداد الساحة العربية كلها يعيش حالة من العوز والحاجة بينما ما يمتلكه من أموال تصل إلى مئات المليارات من الدولارات كافية لأن تجعله يعيش بعيداً عما هو فيه من فقر وجوع وسوء الحياة التي يلعنها صباح مساء، لأن الأموال الطائلة تحت قدميه ولم يستطيع الوصول إليها، الوطن العربي يمتلك مخزوناً ضخماً من الثروات منها ماهي تحت الأرض كالبترول والغاز الطبيعي والكثير من الخامات التي تشكل ثروة كبيرة لا يستهان بها وهناك ثروة طائلة فوق الأرض وهي الثروة الزراعية والسياحية والكثير من الثروات إلا أن كل تلك الثروات لم تشفع للمواطن العربي بأن يعيش كما يعيش البشر في أرض الله الواسعة وأصبح من العيب والعيب جداً أن يكون هناك جوع يصل حد المجاعة ومن العيب أن تكون هناك بطالة وانعدام في البنية التحتية وهو يمتلك مثل هذه الثروات الطائلة والتي لا حول له ولا قوة، لأن مصير مثل هذه الأموال والثروات في أيدي حفنة من الناس ممن يتحكمون بمصير الأمة لأنهم يسخرونها لخدمة أهدافهم وأغراضهم الخاصة بعيدة كل البعد عن خدمة البلد والناس فهذه الحفنة من الناس التي تربعت وأصبحت تتحكم برقاب الناس تصرف مثل تلك الأموال لكل ما يلبي أهدافها ورغباتها الشيطانية وتركت البلاد والعباد لخالقها، والحقيقة أن المواطن العربي يدرك ذلك الخلل جيداً إلا أنه لا يمتلك القدرة على فعل شيء يغيّر من ذلك الخلل الذي انعكس سلباً على حياة الناس الاقتصادية والمعيشية وظلت هذه الأوضاع مظللة على سماء الوطن العربي دون استثناء ولو بنسب متفاوتة لعشرات السنين ومن الطبيعي أن تكون لكل ذلك أسبابه، ومن أهم الأسباب الأنظمة السياسية الفردية والمطلقة التي استطاعت أن تتحكم بمصائر الأمة فامتلك الأمة وامتلك ثرواتها وأصبح الناس كأجراء مسخرين لطاعتها وتنفيذ ما يطلب منها تنفذه دون نقاش أو تردد فظلت الأمة العربية كلها تعيش حياة الذل والمهانة، واستلمت لكل معاناتها حتى أذن الله لها بالفرج من خلال ثورة الربيع العربي التي كان من أهدافها الرئيسية هو تصحيح الأوضاع المختلة القائمة ومن ثم إعادة الاعتبار لكرامة المواطن العربي والعمل على استرداد حقوقه المنهوبة مع شلة من اللصوص ولو أن مثل هذه الأموال ظلت داخل الوطن لكان الأمر هيناً إلا أنها سُفرت إلى بنوك أوروبا وأمريكا لتستفيد منها شعوب أخرى بينما الشعوب العربية تئن من وطأة الفقر والجوع وما أدل على ذلك هو ما فضحت عنه بعض المنظمات الحقوقية المصرية وغير المصرية عن الأموال المهربة إلى دول أوروبا وأمريكا كانت تمتلكها أسرة مبارك الحاكمة وهي بمئات الملايين من الدولارات هذه الأموال التي اقتطعت من قوت الشعب المصري المقهور الذي كان يعاني الكثير من المآسي وصل الأمر بالكثير منهم إلى أن يجعلوا من مقابر الموتى مساكن لهم لعدم قدرتهم على توفير الحد الأدنى من هذا الحق الذي كفلته الشرائع السماوية والأرضية على حد سواء، لقد صعق الشعب المصري وهو يسمع عن هذه الفضائح المعلنة وما خفى كان أعظم، لذا نقول: إن الشعب العربي قد استطاع أن ينفض عن نفسه غبار الذل والخوف وأصبح يمثل الزلزال الذي سوف يكتسح من أمامه كل موروثات الماضي الأليم وأصبح يتطلع إلى الحياة الحرة الجديدة من خلال خلق أنظمة ديمقراطية بحقيقة المعنى الذي زينه الطغاة.. فالتاريخ لا ولن يعود إلى الوراء خصوصاً ونحن نعيش عصر العولمة والانترنت وعلى الطغاة الذين لا يزالون أن يدركوا ويستوعبوا حقائق التاريخ المليء بالعبر والدروس وأن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، وعلى الشعوب أن تعمل جاهدة على استعادة أموالها المنهوبة في خزائن أوروبا وأمريكا فبعودتها سيتغير حال المواطن العربي نحو الأفضل وهذا ليس ببعيد.