يبدو أن بعض القوى السياسية لم تعد قادرة على إدراك معاني ودلالات شهر رمضان الكريم فقد مر الثلث الأول المتعلق بالرحمة ولم تع تلك القوى المعاني والدلالات الروحانية، وأصر البعض من عناصرها على عدم احترام مشاعر الناس وعدم الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة من خلال الإصرار الفج على إثارة النعرات والتنابز بالألقاب وإشاعة الحقد والكراهية وبث سموم الفتنة، الأمر الذي يبرهن أن مفهوم الرحمة مفقود لديه ولم يعد قادراً على استعادة عقله الذي ينبغي أن يميز به بين الغث والسمين، بل قدم دليلاً قطعياً بأنه قد سلم عقله لغيره وبات ينفذ ما يملى عليه دون أدنى شعور بأمانة المسئولية الدينية والوطنية والإنسانية. لقد ولجنا في الثلث الثاني المتعلق بالمغفرة فهل أدركت القوى السياسية المثيرة للفتنة المرحمة وهل هيأت نفسها لتنال المغفرة في هذا الثلث، وهل وقفت بأمانة وإنصاف أمام التصرفات الفاجرة التي أحدثتها بعض عناصرها، وهل قامت بالمحاسبة والردع ومنع الإثارة من أجل حقن الدماء والحفاظ على الأعراض والأموال والدخول في الشراكة الوطنية من أجل استكمال مرحلة التسوية السياسية والانطلاق نحو الانتخابات العامة التي تمكن الشعب من حق الاختيار الحر المباشر؟. إن إدراك معاني الرحمة وبلوغ المغفرة من رب العالمين يحتاج إلى النية الصادقة والصفاء الروحي وزوال الحقد والكراهية والالتزام بجوهر الإسلام عقيدة وشريعة، وعدم الإصرار على الكيد والنكد والحسد والبغض والنكاية والالتزام المطلق باحترام مشاعر الناس وعدم التفريط في الثوابت الوطنية والدينية والإنسانية، والانطلاق صوب التسامح والتصالح ومعالجة آثار الأزمة الكارثية وفتح صفحة وطنية ودينية وإنسانية تستوعب الكل وتحترم الكل وتمنع الاعتداء أياً كان وتبني مقومات القوة القومية للجمهورية اليمنية بعيداً عن المزايدات والنفاق والدجل الذي تسبب في الاخفاق المستمر. إن المغفرة لن ينالها منا من دجال ولا مثير للفتن أفاك ولا حاقد على الدين والوطن والإنسانية، لأنها تحتاج إلى تجسيد المعاني الروحانية، ولذلك القوى السياسية بحاجة إلى ضرورة الاستفادة من المغفرة من رب العالمين، لأن الفرصة مازالت متاحة والفعل الذي يرضى الله هو الكف عن أذى الناس والوطن وبذل الخير كله من أجل بناء اليمن الواحد الموحد بإذن الله.