الإيمان المطلق بالقيم الروحية لشهر رمضان الكريم الطريق المؤدي إلى الفوز بالرحمة والمغفرة والعتق من النار؛ لأن هذه الثلاثية الروحانية لا يمكن الفوز بها لمجرد الامتناع عن الأكل والشراب فقط، بل لابد من أن يطلّق المرء كل المحرمات والمنكرات والشبهات ويضع نفسه حيث أمره الخالق جل وعلا. إن الفائدة الإيمانية الروحانية التي ينبغي أن يدركها الإنسان المسلم المؤمن هي العودة الجادة إلى سواء السبيل التي تمنع المرء من أية أقوال أو أفعال تسبب الأذى للآخرين، وفي هذه الحالة الإيمانية المطلقة يصبح الإنسان حراً من قيود العبودية للمادية أو الأشياء أو المال أو النزعات العدوانية التي تجعله عبداً لغير الخالق جل شأنه. إن التحرر من العبودية لغير الله سبحانه وتعالى والعودة إلى الحالة الفطرية التي خلق الله الإنسان عليها من أكبر وأعظم الأعمال التي يحققها الإنسان المسلم المؤمن الصابر والمثابر، وقد جعل الله رمضان من العام إلى العام طريقاً لتصفية الذنوب وحساب الذات والندم على الأقوال والأفعال المخالفة لأوامر الله، وإعلان العزم المطلق على المضي في درب الخير والسلام والسداد بما ينفع الناس كافة. إن شهر رمضان هو شهر التحرر من القيود المادية التي تقود الأفراد إلى عدم الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة، ولذلك فإن على القوى السياسية في ساحة الفعل الوطني والديني والإنساني أن تدرك أن الفلاح الحقيقي لا يأتي بالانحراف عن جوهر الإسلام أو التمرد على القيم الوطنية والإنسانية على الإطلاق، وأن الفلاح والرشاد لا يأتي إلا من خلال العودة المطلقة إلى جوهر الإسلام الحنيف، فهل تدرك القوى السياسية الفوز بالعتق من النار في الثلث الأخير من شهر رمضان الكريم لتعلن إقلاعها المطلق عن الممارسات غير السوية من أجل أن يدخل الجميع باب الحوار وقد غسلوا ذنوب الانحراف السياسي خلال شهر رمضان الكريم؟. إن الفرصة متاحة لمن عاد عودة حميدة إلى جوهر الإسلام الحنيف، وطلّق المعاصي، وأنكر المنكر، وعرف عين الحقيقة، والتزم جوهر الإسلام الحنيف، وجعل من الدستور والقانون عنوان حياته اليومية، والمصالح العليا للبلاد والعباد همه اليومي، وتخلى عن النعرات المناطقية والمذهبية، وتجرّد من كل فعل يضر الدين والوطن، وأعلن البداية للانطلاق صوب حياة الأمن والاستقرار والوحدة بإذن الله.