إن حالة الرق الاختيارية التي يعاني منها أصحاب المال الذين جعلوا منه معبودهم الذي يحجون إليه وقبلتهم التي يتجهون إليها وغايتهم المطلقة التي يستخدمون كل وسيلة من أجل الوصول إليه، قد تحولت إلى حالة مرضية وأصبحت عبوديتهم للمال رق إجبار لم يستطع البعض منهم التحرر منه، والأكثر من ذلك كله أن البعض لا يشعر أنه عبد لماله ويحاول أن يتظاهر بغير ذلك، إلا أن واقع حياته يؤكد رقه المطلق للمال. إن رق المال وشدة عبوديته لا تستطيع المستشفيات إيجاد الوصفة العلاجية القادرة على تحرر الإنسان من هذا الرق، ولا يستطيع علاج هذه الحالة المرضية إلا المنهج الرباني الذي جاء به الإسلام الحنيف الذي جعل الزكاة ركناً من أركان الإسلام لا يكتمل إسلام المرء إلا بأدائه، ثم جاء الصوم وهو ركن من أركان الإسلام ليعزز التحرر من رق وعبودية المال ليكتمل بناء مستشفى المنهج الرباني الذي يمكن الإنسان من التحرر من رق عبودية المال. إن المجتمع اليمني الذي عرف التكافل والتضامن والتعاون والتعاطف والتراحم هو اليوم في أمس الحاجة إلى تفعيل هذه المبادئ الإسلامية واحيائها في نفوس الأغنياء ليمدوا يد العون والمساعدة للمحتاجين، ومادمنا في العشر الأواخر من رمضان الكريم وعلى مقربة من عيد الفطر المبارك فإن التركيز على اخراج الزكاة والإكثار من الصدقات على ذوي الفاقة طريق الأغنياء للتحرر من رق العبودية للمال، وليدركوا أن الله قد جعل في أموالهم حقاً معلوماً للسائل والمحروم. إن العتق من النار والتحرر من رق عبودية المال يحتاج إلى العمل الذي ستكون ثماره التحرر والعتق من النار، قال تعالى : (الذين يؤمون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) ولا يأتي التحرر من عبودية المال إلا بالبر الذي أمر الله به عباده الصالحين، قال تعالى: (وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة) وقال تعالى: (الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) ومن يعمل كل ذلك فهو من سيفوز بالعتق من النار ويتحرر من رق عبودية المال ويحقق المعاني الإيمانية ويبلغ درجات الرضا الرباني، قال تعالى: (الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) وتقول الآية الكريمة: (أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم) صدق الله العظيم. هذا هو المستشفى الرباني للتحرر من رق عبودية المال، فهل استغل الأغنياء العشر الأواخر ليفوزوا بالعتق من النار ويتحرروا من عبودية المال؟ نأمل أن يدرك الجميع أن شهر رمضان استشفاء رباني من كل الأمراض بإذن الله.