تُعرف الزكاة بأنها أحد أركان الإسلام ولا يكتمل إسلام المرء إلا بأدائها ، وقد أجمعت الأمة سلفاً وخلفاً على وجوبها وأخذها من أموال الأغنياء للفقراء. كما أجمع علماء الأمة على وجوب دفع الزكاة وهي من المعلوم بالدين بالضرورة يكفر منكرها ويقاتل مانعها ولأهميتها فقد قرنت بالصلاة في اثنتين وثمانين آية من آيات القرآن الكريم . وتكمن حكمة مشروعية الزكاة في الإسلام في العديد من الفوائد للفرد والمجتمع فهي تطهر النفس من الشح والبخل ويتعود المؤمن من خلال أدائها على البذل والعطاء، وتعد تطهيرا للمال وخيرا كثيرا في الأهل والأولاد وبركة في الرزق ، وتحمي المجتمع بشكل عام من مرض الفقر وتزرع المحبة بين الناس. كما أنها فرضت لحكمة عظيمة لعل من أهمها التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع المسلم ، ومواساة الفقراء والمحتاجين ورعاية الأيتام والأرامل والمعسرين ، وجعل الله الزكاة حقا واجبا للفقراء والمساكين تخرج من أموال الأغنياء وبهذا يسود الحب بين أفراد المجتمع والتعاون والتكافل الاجتماعي ويغيب الحسد والحقد والصراع الطبقي ليحل التوافق والتكامل والسلم الاجتماعي. وتعد الزكاة التي جعلها الدين الإسلامي الحنيف فريضة لا تقدّم تطوعا بل إلزامية للتكافل بين القادرين والعاجزين ، جزءا من نظام التكافل الاجتماعي في الإسلام ، الذي يعتبره حقا أساسيا من حقوق الإنسان التي كفلها الله سبحانه وتعالى لعباده . كما أن المبادرة بدفع الزكاة وما على الإنسان من متخلفات ومستحقات زكوية تجسد الالتزام والسلوك القويم للمواطن الصالح الحريص على تزكية نفسه وماله ويقدم صورة ناصعة للإسلام في عملية التكافل الإجتماعي والتراحم بين مختلف افراد المجتمع . وحول موضوع الزكاة ومدى معرفة الناس بأهميته ، وكيفية الدفع ومتى ولمن يتم دفع الزكاة ، وحكم مانعها أو المتهاون عن دفعها ، سلطت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الضوء على هذه المواضيع في سياق استطلاع عينات من الموطنين في بعض المحافظات لمعرفة هذا الموضوع عن كثب : إذ يقول الاخ "عبدالله أحمد" تاجر تجزئة في مديرية التواهي بمحافظة عدن :" الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة التي يجب أن تدفع للقائمين عليها ، وأنا حريص على التوجه إلى إدارة الواجبات الزكوية لدفعها لتطهير نفسي من الشح والبخل ومن كل مكروه وبغية أن يبارك الله لي في أولادي ومالي " . ويتفق معه "ماجد سعيد " من محافظة الحديدة بأن الزكاة واجبة على كل فرد من المسلمين وهي تطهيرا للنفس وبركة في المال ويجب دفعها خلال شهر رمضان الي قبل صلاة العيد أو طلوع الشمس.. ويرى ان امتناع المسلم عن دفع فريضة الزكاة ينطبق عليه ماورد في معنى الحديث الشريف ان صيام المؤمن يكون معلق بين السماء والأرض الي ان يدفع الزكاة حتي في السنة القادمة . وعن كيفية دفع الزكاة يقول ماجد " نحن نخرجها علي شكل دقيق أو أرز قبل صلاة العيد ويتم توزيعها علي الفقراء والمساكين" . ويقول مدير عام المعهد الوطني للعلوم الإدارية بمحافظة الحديدة على عبدالله فكري : " أن الزكاة واجبة على كل مسلم دفعها الي بيت مال المسلمين ولايجوز التخلف عنها سواء كان تاجرا أو مواطنا عاديا فهي سبب لتطهير النفس والمال حتى ولو دفعها المزكي من قوت يومه ". ويشير الى ما أكدته الأحاديث الشريفة بأن صيام المسلم يظل معلقاً إلى حين دفع الزكاة حتى في السنة القادمة ، ولايجوز لمسلم التخلف عن دفعها . وأعتبر "عبدالرحمن خالد" صاحب محل ذهب ومجوهرات بمحافظة عدن الزكاة علاقة خاصة بين العبد وربه وهي أمانة يجب أن يصدق فيها العبد مع ربه لضمان ديمومة واستمرارية تجارته.. منوهاً بأهمية وضرورة دفع الزكاة من أجل التراحم والتآلف والتعاطف بين المسلمين كونها فرضت في الإسلام لغرض التكافل الإجتماعي وإعطاء الفئة الفقيرة حقها من أموال الأغنياء . وعن كيفية دفعه للزكاة يقول " أنا أدفع زكاة تجارتي من خلال الواجبات الزكوية المسؤولة عن جباية الزكاة ، فإدارة الواجبات سهلة وعملية من خلال مكاتبها في مختلف مديريات المحافظة وتتميز بجمع وجباية الزكاة بطريقة سهلة وسريعة" .. وتابع " ولا يجوز تأخير دفع الزكاة لأنها واجبة على كل مسلم ومسلمة" . وتقول " فاطمه سعيد " من محافظة عدن أن الهدف الأساسي لفرض الزكاة بالنسبة لمؤديها حدده القرآن الكريم وهو تطهير النفس ، إذ يشعر المزكي عند دفع فريضة الزكاة انه طهر نفسه من الذنوب والبخل ويشعر بارتياح نفسي عندما يتحرر من عبودية المال.. وأشارت الى ان الزكاة تطهر المال مما قد يكون خالطه من خبث أو لغو وتسهم عملية دفع الزكاة في زيادة المال لمؤديها وخاصة زكاة التجارة . واستدلت بقول الحق تبارك وتعالى في (الآية 39 من سورة الروم) " وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ " .. صدق الله العظيم . وتابعت فاطمة" اذا تحرر الفرد المسلم من عبودية المال وأصبح حرا يتعود الإنفاق في أوجه الخير ، فالقرآن حدد مصارف الزكاة فهي حق للفقير اذا جاء موعدها استحقت الاداء ، ولا يطهر المال ويسلم وينمو إلا اذا اخرجت زكاته وكذلك المؤمن لا تتطهر روحه حتى يخرج زكاته نفسه ومن يعول". ويقول الاخ "عبدالله حسن " صاحب مطعم بمحافظة الحديدة "نحن نقوم بدفع زكاة المال إلي مكتب الواجبات بالمحافظة سنوياً أما عن زكاة النفس فنقوم بدفعها الي عاقل الحارة نقدا أو إخراجها بتوزيع القمح والأرز لمستحقيها قبل صلاة العيد " . فيما يؤكد "حامد أحمد البحري" تاجر أقمشة بمحافظة عمران أنه لايقدم مبلغ زكاة أمواله كاملة للدولة وإنما يقدم جزءا منها للجهات المعنية في الدولة ويقوم بتسليم ماتبقى منها بيده لمستحقيها من الفقراء والمحتاجين ممن يعرفهم " . ويعزو ذلك إلى عدم تحرير القائمين على الزكاة في منطقته سند بالمبلغ الذي يزكي به وإنما يأخذون المبالغ المستحقة عليه بشكل لايبعث على الطمأنينة من وصول الزكاة الى مستحقيها ، فيما يشعر بارتياح نفسي حينما يسلم الجزء المتبقي من الزكاة لمستحقيها يداً بيد رغم إدراكه بأن تسليم فريضة الزكاة يجب ان تسلم إلى بيت المال والقائمين عليها. أما الحاج محمد الخبي تاجر جملة وقيم مسجد الجحين بعمران فيرى أن ظروفا تدفعه لتقسيم زكاة أمواله بين الدولة والفقراء يدا بيد رغم إقراره وقناعته بوجوب تسليمها كاملة للدولة وهي المعنية بتصريفها حسب ماتره وفقا لأحكام ونصوص الشريعة الاسلامية. متحججاً في عدم دفع زكاة أمواله كاملة للدولة بتوافد ذوي الفقراء والمعسرين على محله في شهر رمضان مما يضطره أن يدفع لهم جزء من الزكاة . ولفت الخبي الى أن الحل الوحيد لتسليم مبالغ الزكاة كاملة للدولة والقائمين عليها هي في إقامة السلطات والجهات المعنية في كل منطقة ومديرية جمعية أو مؤسسة تتولى عملية تصريف ماتجمعه من المزكين وتوزيعه على المحتاجين عبر كشوف واجراءات مدروسة تقلل من تردد الفقراء على المحال التجارية وتحد من عملية التسول ، خاصة وأن الصدقات التي يقدمها التجار للمحتاجين ممن يترددون عليهم تكون خارج مبلغ الزكاة وليس بمقدورهم تلبية الاعداد الكبيرة ممن يترددون على محالهم من الفقراء. وفيما يتعلق بالمتهربين أو المتساهلين عن دفع زكاة الفطر يقول مدير عام المعهد الوطني للعلوم الإدارية بالحديدة " إن الأشخاص الذين لا يدفعون الزكاة يكون صيامهم معلق إلي حين دفع الزكاة حتى في السنة القادمة، ولا يجوز للمسلم التخلف عن دفع الزكاة ".. مبيناً أن الله سبحانه وتعالى توعد الذين يمتنعون عن دفعها بقولة تعالى في سورة التوبة: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" . صدق الله العظيم . أما إمام وخطيب مسجد العيدروس بعدن صادق العيدروس فيؤكد أهمية الإسراع في دفع الزكاة إلى الإدارة العامة للواجبات الزكوية بالمديريات او المحافظات كونها هي الجهة المسؤولة والمخولة من ولي الأمر لاستلامها والتصرف بها وفقا للمصارف الثمانية التي حددها الله في كتابه العزيز.