إن الله سبحانه وتعالى جعل الزكاة قرينة الصلاة في كتابه العزيز في كثير من الآيات ، بل ان الله تعالى جعلها فرضا كالصلاة في كل الأديان . فيخبر الله سبحانه عن إسماعيل انه كان يأمر أهل بالصلاة والزكاة ، قال تعالى " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا " . وأوصى نبيه عيسى بها كما قال تعالى مخبرا عنه " قال إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ، وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " . ويوضح أستاذ كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء الدكتور علي القليصي في كتابه فقه العبادات بأن الله سبحانه وتعالى امر في كتابه العزيز بقتال من لم يؤد الزكاة ، واستدل بقوله تعالى " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ". وبين انه لايكمل الإسلام إلا بتأديتها كما جاء في حديث ابن عمر ان رسول الله صالى الله عليه وآله وسلم قال " بني الإسلام على خمس : شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان". وأضاف ان المسلم لايكون معصوم الدم والمال إلا إذا ادى الزكاة فان لم يؤدها وجب قتاله كما جاء في حديث ابن عمر قال " قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى ". ويؤكد الدكتور القليصي بأن الزكاة كانت من الأمور التي يبايع عليها من يريد الدخل في الإسلام مستدلا بحديث جرير بن عبدالله قال " بايعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " . ويؤكد أن الزكاة تهدف إلى معالجة أمور كثيرة أهمها تطهير المزكي من الذنوب، دل على ذلك من القران الكريم في قوله تعالى " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " ، وحديث معاذ أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال له : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ". وقال القليصي انها (الزكاة ) تمرن الإنسان على البذل وتدفع عنه أخطر صفة ذميمة وأكبر داء باطني وهو الشح .. لافتا إلى الآية الكريمة في قوله تعالى " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " . وذكر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم، حذر من الشح كما جاء ذلك في حديث جابر : ان رسول الله قال " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " . وأشار إلى ان الزكاة سبب لنزول الغيث وإدرار الرزق أي ان إيتاء الزكاة من أسباب إنزال البركة من السماء وهو المطر وبركات الارض وهي إنبات الزرع وصلاح الثمر لان دفع الزكاة من الإيمان والتقوى ، فيما يعتبر منع الزكاة سببا من أسباب منع نزول المطر من السماء . وفي ذات الصدد يبين مدير الإرشاد بمكتب الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة الشيخ جبري ابراهيم حسن ان الزكاة ركن من أركان الإسلام وقرنها الله تبارك وتعالى في القرآن بالصلاة بقوله تعالى " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " والله قال للمؤمنين بأن في أموالهم حق معلوم وقصد بذلك الزكاة لأنه مال مخصوص في أوقات مخصوصة ويعطى لأشخاص مخصوصين وقال الشيخ جبري " شرع الله لنا الزكاة وحدد الفقراء الذين تعطى لهم ضمن الثمانية أصناف التي ذكرت في كتاب الله تعالى " . وأشار إلى ان المؤدي لها مثاب بين يدي الله واجره كبير بقوله تعالى " وماتنفقوا من شيئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين " . والزكاة من الأعمال التي تدخل العبد الجنة وتبعده عن النار كما جاء في حديث أبي ايوب " ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه واله وسلم : اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال : تعبد الله ولاتشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم " . ويقول مدير الإرشاد بمكتب الأوقاف بالأمانة " إن الزكاة تهدف إلى اشاعة التكافل والتعاون في المجتمع الإسلامي حتى لايبقى فقراء ومحرومون، كما ان من حكمة الزكاة هي العدالة حتى لايبقى في المجتمع طبقية بحيث ان قوم يأكلون كل الأنعام وأصناف الطعام وهناك من لايجد مايسد جوعه". وأفاد ان من أهداف الزكاة أيضا ان لايحقد الفقراء على الأغنياء فعندما يكون عطاء الأغنياء بطيب نفس لهؤلاء الناس كان تهدئة لهؤلاء الناس وحافظا لأموال الأغنياء . وبين الشيخ جبري بأن الزكاة تطهير للنفس وتزكية لها واستدل بقوله تعالى " ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها قد افلح من زكاها ". وقال " أن أداء المال من التاجر والغني تزكية لنفسه وأيضا لماله لان الزكاة معناها النماء والتطهير .. لافتا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال " مانقص مال من صدقة بل تزده بل تزده بل تزده ". كما تهدف إلى سد حاجة الفقير وغيره من المحتاجين وترفعه من الإهانة ، فالمستحق يعطى حقه الواجب له ، وليس للغني عليه منة بل المنة لله الذي فرض له هذا الحق، بالإضافة إلى ذلك فإنها تهدف إلى تعزيز الترابط والتعاون والشعور بأن المؤمن مرتبط بأخيه فلا يرضى لنفسه ان يشبع وينظر لأخيه جائعا ويدل على ذلك حديث ابي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبك أصابعه " . بل يحصل بين المسلمين التآلف ويذهب الحسد والحقد ويشعر الناس بأنهم اخوة بعضهم اولياء بعض وبهذا يمتد الاسلام وتستقيم القلوب على مبادئ الدين الحنيف والمنهج الرباني ، اما اذا بخل الغني فسوف يدب الحقد في قلب الفقير وسيحصل بسبب ذلك بلاء اجتماعي خطير. كما أنه بدفع الزكاة يتحقق التوازن الاجتماعي فأصحاب الأموال الكثيرة عندما يدفعون زكاة أموالهم تسد حاجة الفقير من طعام ولباس وسكن أما اذا لم تؤد الزكاة على الوجه المطلوب فيكون في المجتمع طبقات ، طبقة من ذوي الثراء الهائل وطبقة من ذوي الفقر المدقع فيحصل بسبب ذلك خلل في المجتمع يصبح به الكوارث اذا انحرف عن المنهج الرباني وتنكب عن المبادئ الإلهية. ( الأحكام المتعلقة بكل نوع من انواع الزكاة ) وفيما يتعلق بالأحكام المتعلقة بأنواع الزكاة، يقول أستاذ الشريعة والقانون بجامعة صنعاء الدكتور القليصي "ان حكم زكاة النقدين : " الذهب والفضة " واجبة فيهما سواء كانا نقودا ام سبائك متى بلغ مقدار المملوك من كل منهما نصابا وحال عليه الحول وهي 595 جراما من الفضة أو 85 جراما من الذهب، ولم يكن مالكهما عليه دين يستغرقهما . ويجب فيهما ربع العشر وهو 2 ونصف في المائة والدليل على ذلك حديث الإمام علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال له " اذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيهما خمسة دراهم ، وليس عليك شيء ، يعني في الذهب ، حتى يكون لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار" . وحكم زكاة عروض التجارة كما يرى عامة الفقهاء وجوب الزكاة في العروض المتجر بها، لأنها مال نام فتجب فيه قياسا على سائر الأموال كالأنعام والحبوب والثمار والفضة والذهب ونحو ذلك، فإذا حال عليها الحول وبلغت نصابا ففيها ربع العشر . ودليل الوجوب على ذلك قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ماكسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض"، اما الدليل من السنة ما جاء في حديث جندب قال " كان رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم يأمرنا ان نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع" . أما حكم زكاة الزروع والثمار، فإنها واجبة باجماع العلماء ومقدار الواجب فيها من الزكاة اذا كان مايسقى من السماء او يروى من الانهار والعيون بدون تكاليف ففيها العشر، اما اذا سقي بالمؤن اي من الآبار والمضخات فالواجب فيه نصف العشر ، ومقدار النصاب في الزروع والثمار هو خمسة اوسق والوسق ستون صاعا. إلى ذلك يقول الشيخ جبري إبراهيم حسن " أن كل نوع من أنواع الزكاة له وقته وهناك ماهو مرتبط بالنصاب وحولان الحول كالأموال الذي هو الذهب والفضة " النقدين " وما ناب عنهما التي هي الدراهم وأيضا ما هو حاصل في تعاملات البنوك " الشيكات ، السندات " فهذه لابد ان تبلغ النصاب ويحول عليها الحول والنصاب مايزد عن 80 جراما من الذهب فان فيه الزكاة التي هي ربع العشر 2 ونصف في المائة. وقال ان زكاة الحبوب والثمار لاتحتاج إلى حولان الحول بل هي متعلقة بالحصاد فالإنسان يزرع ثم يحصد فتأتي الثمار لقوله تعالى " وآتوا حقه يوم حصاده " أما زكاة الفطر فيشير إلى أنها متعلقة بالصوم لكنها ليست على الصائم وحده وإنما على كل الأسرة صغيرا وكبيرا ذكرا وأنثى وحر وعبد الكل يؤدي عنهم سيدهم او رب الأسرة .. موضحا أن حكم زكاة الركاز أي الكنوز الموجودة في الأرض واجب وتعطى عند ظهورها وفيها الخمس.