لقد جعل الله سبحانه وتعالى شهر رمضان لمراجعة النفس والتكفير عن الذنب والبعد عن الخطيئة، فجعل أوله رحمة لمن أعلن التوبة وكف عن أذية الناس وندم على أفعاله المخالفة لشرع الله التي جاء بها جوهر الإسلام الحنيف، وكان ندمه واستغفاره وتكفيره عن الفتن والمآسي والمصائب التي أصابت الناس بسبب أقواله وأفعاله قد صدر عن شعور إيماني كبير وصلت معانيه الروحانية إلى الله سبحانه وتعالى خلال الثلث الأول من الشهر الكريم، فإذا كان الندم صادقاً وصادراً عن إيمان وقناعة بالله العظيم فإنه سيكون البداية الكبرى للتوبة الصادقة التي لا مراء فيها على الإطلاق، فإن الله تعالى سيقبل توبته في الثلث الثاني من الشهر الكريم، ثم يشعر التائبون المؤمنون الذين قبلت توبتهم بالمزيد من الندم والخوف من العذاب الذي أعده الله لهم في الآخرة بسبب تلك الأقوال والأفعال المجرمة، الأمر الذي يجعلهم يكثرون من التضرع إلى الله سبحانه وتعالى ليعتق رقابهم من النار. إن ما شهدته اليمن من أحداث خلال الفترة الماضية من بعض العناصر في القوى السياسية التي رفضت تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولجأت للعنف والإرهاب يدعو الإنسان المؤمن إلى العودة الجادة إلى طريق الخير والعدل والسلام والتعايش السلمي والتزام منهج الحوار الذي هو منهج حياة المسلمين المؤمنين الاتقياء، ويجعل ذلك المسلم المؤمن التقي يراجع أقواله وأفعاله وينظر في نتائجها المؤلمة التي ألحقت الضرر بالناس كافة وخلقت الفوضى والتخريب والتدمير والقتل والاعتداء على أبناء القوات المسلحة البواسل وهتك الأعراض وانتهاك الحرمات، كل ذلك من أجل الوصول إلى السلطة بالطرق غير المشروعة التي حرمها ديننا الإسلامي الحنيف ونبذتها القيم والأعراف الإنسانية. إن المؤمن صادق الإيمان هو الذي يراجع نفسه في هذا الشهر الفضيل ويقف بيد المولى عز وجل خاشعاً ذليلاً نادماً على كل قول قاله أو فعل فعله وكان من نتائجه هذه الأحداث المأساوية في اليمن أو غيرها من البلدان الإسلامية، وعندئذ فإن الله سبحانه كفيل بأن يمن عليه بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، فهل من مغتنم لهذه الفرصة؟ نأمل ذلك بإذن الله.