إن المؤمن التقي الذي يقف في الثلث الأخير من شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، أمام ماضيه فيحاسب نفسه ويراجع أقواله وأفعاله، ليتعرف على الأقوال والأفعال التي كانت سبباً في سعادة الأمة، وكان يبتغي بها رضا الله سبحانه وتعالى، فيحمد الله على ذلك الفعل والقول الذي خدم الإنسانية وخلق التعايش والتآلف وقرب بين بني البشر وأزال عوامل الاختلاف والافتراق وعزز النسيج الاجتماعي ووحد الكلمة وأظهر الإسلام عقيدة وشريعة وحبب إليه ورغب فيه، وأزال التشويه الذي ألحقه المغرضون بجوهر الإسلام الحنيف فيقف شاكراً راكعاً ساجداً حمداً لله رب العالمين الذي وفقه لكل ذلك. كما ينبغي أن يقف المؤمن التقي أمام الأقوال والأفعال التي يحس أنها أثرت سلباً على حياة الناس وأوجدت البغضاء والفتن بين أفراد الأمة ليستغفر الله ويتوب إليه ويكفر عن ذلك الذنب العظيم ويسأل الله بعد أن يقلع نهائياً عن تلك الأقوال والأفعال ليغتنم فرصة العتق من النار في الثلث الأخير من الشهر الكريم، فتتجه كل جوارحه إلى الله عزوجل معلنة الندم والتوبة لينالها فيض الرحمة الإلهية. ولئن كان ذلك هو المؤمن التقي والذي ربما لم يسلم من الوقوع في الخطأ بحكم كونه إنساناً غير معصوم، فكيف بالذي باتت أقواله وأفعاله إجراماً وإرهاباً فأحرقت الأخضر واليابس وحولت حياة الناس كافة إلى جحيم، ماذا سيقول لرب العالمين الذي لا تخفى عليه خافية؟ وكيف له أن يقف أمام الله سبحانه وتعالى وكل أعماله قد رفعت إلى الله وأحصاها الملائكة المكلفون بذلك. إن الله تعالى رؤوف رحيم، ولكنه شديد العقاب، فهل يدرك الذين تسببوا في الأزمة السياسية القاتلة في اليمن فرصة العتق من النار يتضرعون إلى الله معلنين توبتهم سراً وعلناً، ثم يسعون إلى التكفير عن تلك الذنوب بالعودة إلى جادة الصواب والذهاب إلى الحوار الوطني الذي يخلص البلاد مما فعلوه بالشعب من العذاب؟ نعم إن الفرصة متاحة فقط بحاجة إلى أناس مؤمنين أتقياء يردون روعهم إلى الله سبحانه وتعالى ويعالجون ما خربوه ليتوب الله عليهم، نأمل أن نجد أولئك العقلاء داخل المشترك بإذن الله.