التنافس المطلوب ينبغي أن يكون في تقديم المفيد النافع للناس كافة, وهذا ماعرف به المسلمون الأوائل الذين كانوا قرآناً يتحرك على الأرض وقدموا نموذجاً متميزاً في التكافل والتراحم ونشر الخير والعدل, وتحقيق المساواة وعرف العالم الإسلام من خلال التصرفات الإنسانية التي مثلت جوهر الإسلام عقيدة وشريعة فدخل الناس في الإسلام جماعات وبذلك الأسلوب الذي تفرد به الأوائل من المسلمين. إن المشهد السياسي اليوم يعبر عن حالة النفور والبعد عن السلوك الأصيل الذي ينطلق عقيدة وشريعة, لأن بعض القوى السياسية جعلت الدين وسيلة لتحقيق أهداف خاصة وأخضعته لخدمة السياسة, ولذلك ونحن الآن في الثلث الثاني من شهر رمضان الكريم ينبغي لكل القوى السياسية أن تعكف على مراجعة الأقوال والأفعال وتقارن نتائجها مع جوهر الإسلام الحنيف وتضع لنفسها تقييماً منصفاً, وعلى ضوء ذلك تحاسب نفسها وتعلن العودة إلى جادة الصواب والإقلاع النهائي عن الممارسات التي تسيء إلى الدين والوطن. إن التقييم المنصف للأقوال والأفعال ومقارنة نتائج ذلك بجوهر الإسلام الحنيف أمر بالغ الأهمية, لأنه يكشف للقوى السياسية مدى قربها أو بعدها من الإسلام عقيدة وشريعة, وهو منهج إيماني ربى الإسلام أبناءه عليه, لأن محاسبة النفس هي البداية العملية للالتزام بجوهر الإسلام الحنيف وتمنع الفرد والجماعة من الانحراف عن الصراط المستقيم وتحول دون الجور والحيف. إن المراجعة العملية للأقوال والأفعال بشكل دائم تجعل الإنسان قادراً على التحكم والسيطرة على أقواله وأفعاله وتمنع النفس الأمارة بالسوء من الانحراف وتعيدها إلى الطريق القويم والسليم الذي يجعل من المنهج الرباني عنوان حياة المسلم, ومن أجل ذلك كله أدعو الكافة إلى المراجعة الفورية للأقوال والأفعال ووزنها بالميزان الرباني لنحقق معنى الاستخلاف في الأرض بإذن الله.