يبدو أن بعض الأحزاب السياسية مازالت في سبات عميق، ولم تدرك النضج السياسي بعد، ومازال ذلك البعض يسير نحو الفوضى والغوغائية، ويعمل على سن الأفعال التي لا تتفق مع جوهر الإسلام عقيدة وشريعة، وتتجاوز الثوابت الوطنية، وتعيق حركة الحياة الطبيعية، وتتحدى الدستور والقانون، ويبدو أن السبب يكمن في سيطرة عناصر من القوى التقليدية على زمام الأمور في مثل تلك الأحزاب وتسييرها وفق الهوى العدواني المدمر للحياة. إن الإصرار على الممارسات العدوانية على مقدرات الشعب وتحدي الثوابت الوطنية دليل قاطع على الهمجية وعدم الرشد السياسي الذي ينبغي أن يتوفر في الحزبية، ولذلك ينبغي الوقوف بجدية أمام الانحراف الماحق الذي يؤدي إلى الأفعال العدوانية القاتلة التي تحرق الأخضر واليابس، وتقضي على معالم الحياة الحضارية، وهذا يتطلب خروج العقلاء والنبلاء في الأحزاب عن صمتهم المريب الذي يغفل الممارسات غير الدستورية وغير القانونية التي يمارسها البعض ضد حقوق الآخرين، وأن يقولوا كلمة حق من أجل حماية الحقوق وصون الكرامة والحفاظ على مكتسبات الشعب التي تحققت منذ قيام ثورة سبتمبر وأكتوبر وحتى اليوم. إن الإدراك الواعي لمفهوم الحياة السياسية المستقرة يحتاج إلى عقول مستنيرة تعترف بحق الآخرين وتحترم الرأي الآخر، وتقدم المصالح العليا للبلاد على المصالح الحزبية والجاهوية والفئوية الضيقة، وتجعل من الممارسات العملية وفق الدستور والقانون، وتحترم الثوابت وتمنع الممارسات العدوانية وتضبط المخالفات وتعطي الحقوق وتمنع الانحراف. إن المشهد السياسي الراهن يقدم صورة مخزية للحياة السياسية تؤكد انعدام العقل وفق التوازن وتلف الرشد وسيطرة العنجهية والاستمرار في الغوغانية والفوضى التدميرية التي أنهكت الوطن والمواطن منذ بداية 2011م وحتى اليوم. ولم يلحظ المواطن خلال هذه الفترة غير الفوضى العارمة التي أقلقت حياة الناس وأخلت بالقيم والثوابت وتعدت على الدستور والقانون، ولذلك فإن الواجب المقدس يحتم على الكافة الاعتصام بحبل الله أمام تلك الأفعال المخلة بالحياة السياسية والإصرار على الوفاق الوطني والحفاظ على الشرعية الدستورية ومنع الانحراف؛ حفاظاً على الإرادة الكلية للشعب بإذن الله.