إن العملية السياسية الوطنية التي تحقق الرضا والقبول الشعبي وتعزز الوحدة الوطنية وتصون الأمن والاستقرار وتنهض باستكمال بناء الدولة المدنية الحديثة تتطلب التجرؤ المطلق من الأهواء والنزوات الذاتية والحزبية والنفعية والفئوية والمناطقية والمذهبية والجاهوية والفردية، بمعنى أكثر تحديداً تغليب الولاء الوطني على كل الولاءات الضيقة، بحيث تنصهر كل الولاءات الأخرى في إطار الولاء الوطني،ويصبح الولاء الوطني فوق كل الولاءات. إن العملية السياسية الوطنية التي تخرج البلاد والعباد من نفق الأزمة المظلم الذي صنعته بعض قيادات اللقاء المشترك والقوى المتحالفة معها يحتاج إلى تضافر الجهود الوطنية المخلصة والمؤمنة بالثوابت الوطنية التي لاينبغي الخروج عليها مطلقاً، لأن الثوابت الوطنية تجسد الإرادة الكلية للشعب وتحقق الرضا والقبول الشعبي وتمكن المؤسسات الدستورية من فرض هيبة الدولة ،وتمكن الشعب من المساواة أمام القانون وتفرض سلطات الدستور الذي يمثل الإرادة الكلية للشعب. إن الشعب اليمني قد تعلم كثيراً من تجارب الحياة وتمكن من معرفة الحقيقة،وأصبح مدركاً تمام الإدراك أن مصدر سلطة ومالكها، وأن فترات ماقبل ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر كان الشعب لايمتلك السلطة وتغلب الفرد والاستعمار على حق الشعب وسلبت حريته واغتصبت إرادته الكلية، ثم جاءت الثورة اليمنية المباركة سبتمبر وأكتوبر لتعيد للشعب ما سلب منه وما أغتصب،ولكن القوى الظلامية ظلت تمارس هوايتها في امتهان الشعب من خلال افتعال الفوضى ومحاولة منع الشعب من ممارسة حقه في الحياة، ولم يتمكن الشعب من امتلاك حقه في السلطة إلا في 17 يوليو 1917م عندما انتخب ممثلوه رئيسة الدولة لأول مرة. إن الشعب اليمني قد استفاد من تلك التجارب وتمكن من استعادة حقه من امتلاك السلطة وأصبح الوصول إلى السلطة لايتم إلا عبر الإرادة الكلية للشعب من خلال الانتخابات الحرة والمباشرة، ولذلك فإن الشعب الانقلابية،وقد حدد طريقاً واحداً آمناً للوصول إلى السلطة وهو صناديق الاقتراع وعلى العالم أن يحترم هذا الاختيار الحضاري والإنساني،والشعب ماضي في طريقه السليم بإذن الله.