إن الخيرين والشرفاء هم الذين يغلبون مصالح الوطن العليا على المصالح الذاتية، وهم الذين لا يضحون بالوطن والمواطن من أجل مصالحهم النفعية، ولا يقبلون بالتخريب والتدمير والقتل في سبيل الوصول إلى الطموحات الشخصية. إن الأزمة السياسية الراهنة بكل أبعادها وتداعياتها الخطيرة قدمت فرزاً دقيقاً للخيرين وغيرهم من الأشرار، وأصبح المواطن البسيط في الريف والمدينة على قدر عالٍ من الوعي، ولديه القدرة والمعرفة الكافية التي تجعله يميز بين السمين والغث؛ لأن أحداث الأزمة ومخلفاتها بصرّته كثيراً بالحقائق، وكشفت له الزيف والبهتان الذي كان يمارسه البعض من القوى التي لا تؤمن بالقيم الدينية والوطنية والإنسانية بقدر إيمانها بمنافعها الدنيوية الضيقة، والتي سخرت كل شيء في سبيل الوصول إليها على حساب الشعب وحياة الناس، وسلكت طريق الشر والعدوان من أجل الوصول إلى رغباتها وطموحاتها غير المشروعة. أن الأعمال الإجرامية والإرهابية التي مارستها القوى النفعية ضد الشعب قد عرّت تلك القوى وكشفت حقيقة أمرها، وبينت أن تلك القوى قد جعلت الحياة جحيماً في سبيل إرهاب الشعب وإذلاله وتركيعه لمنافعها الضيقة، ولم ترع في الشعب إلاً ولا ذمة، وجعلت من القتل والخطف وقطع الطريق وتحطيم الخدمات العامة والمؤسسات الحكومية والخاصة طريقاً من أجل الوصول إلى غاياتها العدوانية على الإرادة الكلية للشعب وتركيعها أمام مصالح تلك القوى الظلامية النفعية. إن الشعب اليمني على قدر عالٍ من علو الهمة، ولذلك فقد تمكن من كشف الزور والبهتان والتعدي على حقه في امتلاك السلطة، وأدرك أن تلك القوى الظلامية تريد أن تسلب حريته وتغتصب إرادته من أجل مصالحها النفعية الخاصة، وذلك عندما كشرت القوى الظلامية عن أنيابها وأظهرت فجورها وجورها ضد الشعب، ظناً منها أن الشعب سيتراجع عن حقه الدستوري والقانوني أمام تلك الوحشية، ولم تدرك بأن الشعب يستمد قوته من الله سبحانه وتعالى ويحافظ على شرعيته الدستورية ويصون حق الشعب في امتلاك السلطة بإذن الله.