إن التفكير في المصالح الذاتية وعدم الاهتمام بالمصالح العامة واحد من الأسباب التي تجعل الشعب يحجم عن منح الثقة، وقد بات الشعب مدركاً لأبعاد الفكر النفعي، ولم يعد قابلاً بمن غلب مصالحه وأهواءه على المصالح العامة للبلاد والعباد. إن الأزمة السياسية الراهنة قد علمت الشعب كيف يحمي حقوقه الدستورية، وخلقت لديه المناعة الفكرية التي تحول بينه وبين أصحاب الأهواء والنزوات وتجارب الحروب، الذين يريدون أن يسخروا مقدرات البلاد والعباد لخدمة مصالحهم وحدهم، دون أن يكون للشعب من الأمر شيء. إن أصحاب المنافع الخاصة وتجار الحروب الذين يندرجون في إطار اللقاء المشترك كانوا هم السبب فيما يعانيه الشعب اليوم من الويلات وسوء العذاب، فقد أوقفوا عجلة التنمية، وعطلوا مصادر الإنتاج وموارد الدولة، وعاثوا في الأرض فساداً، وقد وصل بهم الأمر إلى أبعد من ذلك كله، وهو الإضرار بالسيادة الوطنية ومحاولة الاستقواء بالخارج لضرب البنية التحتية للبلاد، ومحاولة إحراق الأخضر واليابس على الأرض اليمنية في سبيل هواهم الشيطاني. إن الاقتصاد الوطني يعاني اليوم من أفعالهم الهمجية، ورغم ذلك لم يفكر أحد منهم في عواقب أفعالهم التي قادت البلاد إلى الفوضى، وبات همهم الوحيد هو الوصول إلى السلطة للتحكم في رقاب العباد وإذلال الشعب وتركيع الأكثرية من أبناء الشعب لرغباتهم وأهوائهم العدوانية، وفي سبيل ذلك سلكوا طريق العدوان والتدمير والتخريب؛ لأنهم يدركون أن الشعب لا يمكن أن يثق بهم، لأن لهم ماضياً مأساوياً مع الشعب. لقد بات من الواضح أن ممارسة الفجور والجور ضد الشعب ومصالحه العليا لم يعد من الوسائل التي يستسلم لها الشعب، بل كلما زادت معاناة الشعب كلما تمسك بالشرعية الدستورية، وزاد إيمان الشعب بالديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع الحر المباشر، ولذلك فإن على الخيرين في اللقاء المشترك أن يفوّتوا الفرصة على القوى الظلامية التي تريد تدمير الشعب، ويكملوا مشوار الحوار من أجل بلوغ رحلة التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات التي تمكن الشعب من نقل السلطة من خلال صناديق الاقتراع الحر والمباشر بإذن الله.