لم أكن أتوقع أن تلك الأقوال التي كنا نسمعها من بعض القوى السياسية المدنية أن تتحول إلى فعل إجرامي إرهابي تحارب الناس في حياتهم وتقطع أرزاقهم، لأنني كنت أقول: لماذا هذا الفعل والحياة السياسية في اليمن قائمة على التعددية الحزبية والمشاركة السياسية مفتوحة على مصراعيها، والدستور كفل كل ذلك وأجاز التنافس والتفاعل السلمي من أجل الوصول إلى السلطة عبر الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية وأن الحكم في هذه المسألة لنتائج الاقتراع الحر المباشر عبر صناديق الاقتراع, ولم أكن كذلك أعتقد أن عاقلاً في تكتل اللقاء المشترك يقبل بمن كانوا يرددون مقولة “معاقبة الشعب” لأنه حجب الثقة عنهم. إن الأفعال الإجرامية والإرهابية التي ظهرت خلال الأزمة السياسية برهان عملي يؤكد بأن القوى المدنية السياسية كانت حاضنة لتيارات فكرية لا تؤمن بالمدنية ولا تؤمن بالتعايش السلمي مع الغير ولا تقبل بمبدأ التداول السلمي للسلطة وإنما تؤمن بالتدمير الشامل والفجور الفاضح لأن لديها قناعة بأن الشعب قد اكتشف رغبتها في التسلط على رقاب الناس وأرزاقهم ولا يمكن أن يمنحها الثقة في أية عملية انتخابية ديمقراطية بل إن هذه التيارات التي أدركت بأن الإرادة الكلية للشعب لا يمكن أن تقبل بفكرها وممارستها قد قالت بالحرف الواحد: إن الانتخابات لا يمكن أن تحقق جنونها في الوصول إلى السلطة وأن الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الرغبة هو تدمير الشعب وقهره وعقابه حتى يذعن لإرادتهم الشيطانية. إن الغريب العجيب هو سكوت عناصر وقيادات القوى السياسية المدنية التي مازلنا نعتقد أنها خيّرة وتنشد المشاركة السياسية في إطار التداول السلمي للسلطة والأكثر غرابة هو أن نجد بعض تلك القيادات قد تحولت إلى مجرد أداة تسيرها قوى الشر والعدوان دون أن يكون لهم من أمرهم شيء رغم أن الحقيقة واضحة وأن التآمر على الديمقراطية وعلى الشعب الذي عشق الديمقراطية سلوكاً وممارسة لا يحتاج إلى بيان أكثر مما قد حدث من إجرام وإرهاب وفجور. إن المرحلة القادمة تحتاج إلى العودة لجادة الصواب ومراجعة الأقوال والأفعال والدخول في عملية الحوار الوطني, وينبغي أن يدرك العقلاء داخل اللقاء المشترك أن محاولة إذلال الشعب للإذعان لرغبة الانقلاب على الشرعية الدستورية سوف لن تزيد الشعب إلا إصراراً في الحفاظ على إرادته الحرة لأن اعتصام الشعب بحبل الله أقوى من الانقلاب على الشرعية الدستورية, فهل يدرك عقلاء المشترك كل ذلك في هذا الشهر الكريم؟ نأمل بإذن الله.