إن التفكير في إيجاد حلول للأزمة السياسية الراهنة من خارج حدود اليمن عقيم وغير وطني، ولا يتفق مع منطق التاريخ السياسي لليمن، بل إن دعاة الحلول الخارجية مهووسون برغباتهم في الوصول إلى السلطة، بعد أن فشلوا في إقناع الناخبين بمنحهم الثقة عبر صناديق الاقتراع، وبعد أن جربوا العنف والإرهاب في سبيل الانقلاب على الشرعية الدستورية، وبعد أن وجدوا الشعب أكثر تمسكاً بالشرعية الدستورية والتجربة الديمقراطية والتعددية السياسية. إن سلوك التغرير والتدليس الذي سلكته القوى الراغبة في تدمير المقدرات اليمنية وإنهاء كيان الدولة اليمنية ومحو آثارها، لم يجد نفعاً أمام الرأي العام العالمي؛ لأن العالم اليوم قد أدرك الحقيقة التي تكمن في أفعال وأقوال الدافعين نحو الخراب والدمار. وأصبح العالم اليوم يدرك أن اليمنيين قد اختاروا بأنفسهم طريق المستقبل، وأن الشعب قد امتلك السلطة، ولم يعد بالإمكان التغرير على ذلك؛ لأن ما حدث خلال المرحلة الماضية من التعددية السياسية والحزبية والانتخابات التنافسية والأمن والاستقرار وقوة الإرادة الشعبية في حماية الشرعية الدستورية قد جعل العالم بأسره يحترم هذا السلوك الحضاري والإنساني الذي تجسد على أرض الواقع من خلال الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في الحفاظ على التجربة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع الحر والمباشر. إن العالم اليوم ينظر إلى اليمن من خلال الوحدة التي أعاد لحمتها اليمنيون في 22مايو 1990م، حيث شهدت اليمن عقب ذلك الاستقرار السياسي في المنطقة، واستطاع اليمنيون أن ينهوا مشاكل الحدود الملتهبة مع جيرانهم دون أن تسفك قطرة دم، وتمكن اليمنيون من العودة الآمنة إلى الممارسة العملية للديمقراطية، وتمكنوا من إنشاء الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحرية الصحفية والإعلامية، واستطاع اليمنيون خلال العشرين عاماً من عمر إعادة وحدتهم من الإسهام الفاعل في العلاقات الدولية، وأصبح لليمن دور بارز في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه. ولأن هذه الصورة الحقيقية لليمن فإن العالم قد احترم هذه الإرادة، ولم يتجاوز الدستور اليمني الذي يمثل الإرادة الكلية للشعب واحترم الصورة الحضارية والإنسانية التي ظهر بها اليمنيون وهم يدافعون عن الشرعية الدستورية، فهل ستحترم أحزاب اللقاء المشترك إرادة الشعب وتقدم على الحوار؟ نأمل ذلك بإذن الله.