يدرك المتابعون للشأن الديمقراطي في العالم أن التجربة الديمقراطية التي خاضها اليمنيون هي بوابة السلام الاجتماعي والاندماج السياسي الذي تحقق عقب إعادة لحمة اليمن في 22مايو 1990م، وهي الطريق الآمن للتداول السلمي للسلطة، من خلال الانتخابات الحرة والمباشرة التي تمكن المواطن اليمني من حق اختيار حكامه عبر صناديق الاقتراع الحر والمباشر. ويدركون كذلك أن هذه التجربة ليست وليدة اللحظة الزمنية المعينة، وإنما هي امتداد طبيعي لتاريخ الديمقراطية في اليمن منذ الحضارة اليمنية التي نشأت قبل ميلاد المسيح عليه السلام بثلاثة آلاف سنة، ويدركون كذلك أن تلك الحضارة الإنسانية لم تنشأ إلا في ظل الأمن والاستقرار الذي لم يتحقق إلا عبر المشاركة السياسية والديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر. إن استيعاب العالم الخارجي لأهمية الحفاظ على الشرعية الدستورية والتعددية السياسية والحزبية وتطوير وتحديث التجربة الديمقراطية في اليمن بات على قدر كبير؛ لأن فيه احتراماً متكاملاً للإرادة الكلية للشعب المتمسكة بحقها الدستوري الذي بموجبه تمكنت من منح الثقة لرئيس الجمهورية في سبتمبر 2006م، ولأن إصرار الهيئة الناخبة في الحفاظ على ذلك الحق قد ولد لدى العالم قناعة راسخة بأن أهل اليمن أهل حضارة إنسانية وأصحاب تجربة ديمقراطية لها جذورها التاريخية، ولأن اليمن لا يمكن أن يتطور أو يزدهر في ظل الانقلابات الدموية. إن احترام العالم للإرادة الشعبية التي أوصلت رسالتها الإنسانية من خلال الاحتشاد الملاييني في كل جمعة في عموم محافظات الجمهورية من أجل الحفاظ على الشرعية الدستورية ناتج عن ذلك الفعل الإنساني والصورة الحضارية التي ظهر بها اليمنيون وهم يدافعون عن شرعيتهم الدستورية دون أن يحرقوا شجراً أو يضربوا بحجر أو ينهبوا متجراً أو يقتلوا أحداً. بل إن العالم قد قارن بين أساليب الانقلابيين الذين يدّعون السلمية وهم يحرقون وينهبون ويحتلون ويقتلون ويخربون ويدمرون، وأولئك الذين احتشدوا بالملايين من أجل الشرعية الدستورية ووجدوا الحقيقة في أن من يدّعون السلمية هم الانقلابيون الذين لا يؤمنون بالديمقراطية، وإنما يجعلون من ذلك الشعار ستاراً لتضليل الرأي العام الخارجي وإخفاء مشروعهم الانقلابي الدموي الذي حددوه طريقاً لهم من أجل الوصول إلى السلطة، فانقلب السحر على الساحر بإذن الله.