لم تكن الجماهير لتقبل بالانقلاب على الشرعية الدستورية، لأن زمن الانقلابات قد ولّى ولا رجعة له بإذن الله، ولأن الشارع اليمني قد ألف الممارسة الديمقراطية من أجل التداول السلمي للسلطة فقد هبّت الجماهير العارمة لتدافع عن إرادتها الحرة المستقلة، وبعثت برسالة حضارية وإنسانية إلى العالم بأسره قالت فيها بالحرف الواحد بأن اليمن بلد الإيمان والحكمة، بلد الحضارة الإنسانية، لا يمكن أن يقبل بإلغاء إرادته في اختيار حكامه، ولا يقبل بالفوضى والتخريب والانقلاب على السلطة الشرعية، وأن الطريق الواضح والعلني والشفاف للتداول السلمي للسلطة هو الانتخاب الحر المباشر. إن جمعة التسامح والتصالح قد جاءت لتبرهن للعالم بأن الإرادة الشعبية قادرة على حماية الشرعية الدستورية بأسوب حضاري وإنساني أجلّه وقدّره العالم بسره، وأدرك الذين ضلّلهم الإعلام المعادي للإرادة اليمنية أن الذين يريدون الانقلاب على الشرعية الدستورية لا يمثلون الإرادة الكلية بقدر ما تحركهم أيادٍ خفية لإحداث الفتن وإشعال الحرائق لتدمير منجزات الثورة والوحدة، والعودة بالشعب إلى عهود الظلام والكهنوت والتشطير والتمزق، وبات من الواجب احترام تلك الإرادة الشعبية التي خرجت بالملايين في كل أرجاء اليمن لتعبر عن رفضها للانقلاب على الشرعية الدستورية أو محاولة الوصول إلى السلطة عبر الفوضى المدمرة، وهذه الإرادة دون شك مستمدة من إرادة الله سبحانه وتعالى الذي أمر بالاعتصام بحبله حيث قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً» صدق الله العظيم. لقد برهن اليمنيون بأن أساليب الإرهاب والتدمير لا يمكن أن يقبلوا بها، وأن نهجهم هو نهج التداول السلمي للسلطة الذي اختطه الأخ الرئيس علي عبدالله صلاح في 17 يوليو 1978م، وهذا الأسلوب هو وحده الذي يحقق الرضا والقبول الذي على أساسه يتحقق الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة.. فهل فهمت أحزاب اللقاء المشترك هذه الرسالة الوطنية والدينية والإنسانية؟ نأمل ذلك بإذن الله.