آلام وأحزان تصيب الأمة العربية والإسلامية بل تنكأ كل جراحاتها من جميع الاتجاهات، وتتعدد تلك الآلام والأحزان في كل وقت وحين وليس لها إلا الرجال الذين “صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً”. هاهي فلسطين التي كُتب لها العناء والتعب والأحزان من قرون عدة بسبب العدوان والصلف الإسرائيلي وطمعه في الاستيلاء على زهرة المدائن “ القدس” وجعل أهلها أذلة، ولكن بمشيئة الله تعالى: “كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله”، وفي رمضان هذا وفي العشر الأواخر منه يتجلى صمود الغزاويين الأبطال في أرض غزة المكلومة الذين أرهبوا إسرائيل بكافة قواتها وعتادها رغم إمكاناتهم القليلة، مما أدى ذلك إلى أن زادت إسرائيل من إجرامها أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، الأمر الذي أثر على غزة بشكل خاص وفلسطين والعالم العربي والإسلامي بشكل عام. وإن كان لنا من موقف في هذا المقام واستشعاراً للحزن العميق الذي ينتابنا نود أن نوجه رسالة إلى العالم العربي والإسلامي مما يحصل اليوم؛ فغزة وحيدة من يثأر لها؟ غزة يتيمة من يكفلها؟ غزة جريحة من يضمد جراحها؟ غزة تستقبل هذه الأيام وفي شهر فضيل عدداً من الشهداء والجرحى والمصابين معظمهم من الأطفال والنساء والمسنين، غزة بحاجة إلى حبة دواء تطفئ لهيب المرض، غزة بحاجة إلى قطعة خبز تطفئ جحيم الجوع، بل قل غزة منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فمن لها فمن لها؟!! من أجل ذلك غزة تستغيث، غزة تنادي، غزة تتألم، غزة تبكي، غزة تحزن، ولكن لا حياة لمن تنادي؛ يزداد العدوان الإسرائيلي عليها دون هوادة، ويتم انتهاك حرمة الأرض والنفس والمال والعرض، بل يتم احتقار الدماء العربية بشكل عام ودماء أهالي غزة بشكل خاص الذين فاق شهداؤهم ال 500 شهيد وآلاف الجرحى والمصابين، وهذا يحدث أمام صمت عربي واضح وخذلان عربي كبير إلا فيما ندر، ولا نسمع من بعض الدول العربية أي قرار لوقف نزيف الدماء أو حتى قرار إدانة، ألم يكن هذا استهدافاً للإسلام والمسلمين؟ بلى إن تلك الأفعال غير الأخلاقية تريد أن تهدم الإسلام وأفكاره ومبادئه السمحة المحافظة على النفس والمال والعرض، إضافة إلى مسح الهوية الإسلامية والاستيلاء على المقدسات الإسلامية، وإن كنا قد سمعنا مؤخراً عن مبادرة لوقف إطلاق النار من إحدى الدول العربية، تريد أن تقدم الأقصى هدية للأعداء ولقمة سائغة لليهود في طبق من ذهب. ورغم هذه الجروح والآلام لا نريد أن يصيبنا الوهن أو نفقد الثقة بالنصر للمسلمين، بل لابد أن يكون في قرارة أنفسنا أن الحياة الدنيا ليست بدار قرار وإن الآخرة لهي دار الحيوان لو كانوا يعلمون، وإن الصراع بين الحق والباطل قائم إلى قيام الساعة، وما يجب علينا اليوم ونحن في خواتم الشهر الفضيل إلا مطالبة حكوماتنا وقاداتنا بشجب العدوان الإسرائيلي وإدانته والتبرع بما تجود به أنفسنا من المال لمواساة أهالينا المسلمين في غزة وتضميد جراحاتهم، ونلجأ إلى سلاح الدعاء؛ بحيث ندعو لأنفسنا ولإخواننا المسلمين في كل بقعة من بقاع الأرض بالنصر والتمكين، ولأهالي غزة بالشفاء العاجل لمصابيهم وإشباع جائعهم والرحمة والمغفرة لشهدائهم. [email protected]