بغض النظر عن الأعراض الجانبية للإجراء الحكومي الأخير على الحالة المعيشية للناس فإن نار الأسعار الجديدة للمشتقات النفطية أهون من جنة السوق السوداء التي شهدت ازدهارا عجيبا خلال الشهور القليلة الماضية وأرحم من سواطيرها الحادة التي فصلت راحة المواطن عن جسده ونفسه ومضجعه هذا جانب الجانب الآخر تدخل جراحي من هذا النوع الصعب يعتبر من وجهة نظر اقتصادية صرف بمثابة عملية قلب مفتوح لإنعاش الاقتصاد الوطني الذي يئن من قسوة ضربات الوضع الداخلي المشحون بأزمات لا حصر لها وإعادة التوازن الآمن للاحتياطي النقدي الذي بدأ في التعرض للإهلاك الاضطراري بفعل التراجع المخيف في مبيعات النفط بنسبة تجاوزت 65 % وفق تقارير رسمية وهو مؤشر بالغ الخطورة يدل على أن اليمن على شفا جرف من الإفلاس لم يعد يفصل بيننا وبينه سوى اشهر قليلة ولتلافي السقوط في وادي الإفلاس السحيق كان لابد من رفع الدعم عن المشتقات النفطية التي كبدت الخزينة العامة 22 مليار دولار خلال ال 10 السنوات المنصرمة وبحسب خبراء اقتصاد ومصادر حكومية فإن هذا المبلغ الضخم الذي ذهب في معظمه إلى جيوب المهربين وتجار الفساد من مسئولين ونافذين كان يمكن استغلاله في إنشاء 60 محطة كهربائية بحجم محطة مأرب الغازية التي أصابها الإرهاق والتعب جراء تعرضها لشتى صنوف ( الخبطات) والأعيرة النارية التي تجود بها مئات الأيدي والبنادق الكامنة لخطوط نقل الطاقة الممتدة في مضارب آل شبوان والدماشقة ونهم وبناء وتأثيث 50 جامعة وفق المعايير الدولية و250 مستشفى بأعلى المواصفات العالمية وهي أرقام مغرية ولا ننكر أنها تستحق العناء وتحمل مرارات الجرعة وإن شاء الله لن تكون الجنة الموعودة خلف أكمة تصحيح الأسعار النفطية مجرد مقلب ورماد تذروه الرياح مستقبلاً. غير أن على الحكومة أن تحقق ما قطعت على نفسها من وعود وان لا تكتفي برفع الدعم إياه لأن هذه الخطوة وإن كانت مهمة إلا أنها إجرائية ممكن إقرارها بجرة قلم من كل صاحب سلطة لكن العظمة الحقيقية تتمثل في إقدام قيادة المرحلة الانتقالية على اتخاذ خطوات إصلاح اقتصادية جوهرية بإزاء تحرير تعرفة المشتقات النفطية تثبت صلابة التوجه وحسن النوايا ....! ومن ذلك : -ردع مخربي الكهرباء والنفط واستئصال شأفتهم. -إعادة الأموال المنهوبة التي تقدر بالمليارات من الدولارات حسب الفقه الحكومي. - تحصيل مديونية الكهرباء والضرائب والواجبات والمياه والنفط. -رفع سعر عقود بيع الغاز المسال التي احتوت على ثمن بخس -ترميم الأوعية الايرادية والضريبية -إلغاء الازدواج الوظيفي وإلغاء الأسماء الوهمية في المؤسستين العسكرية والامنية عندها فقط يمكننا بالفم المليان أن نفاخر الوجود ونقول للعالم «والله واصبح لليمن دولة تفك وترقع»....! [email protected]