غزّة عنوان عنفوان الأمة واقتدارها، وعنوان استرداد الكرامة العربية التي برهنت للأمة بخاصة وللعالم أجمع أن الإرادة تصنع المستحيل والإيمان بالله ومن ثم بالقضية يحقّق المعجزات، فغزّة لا تملك نفطاً ولا تملك جيشاً رسمياً، ولا تملك ما تملكه الدول والحكومات، فهي محاصرة من البر والبحر والجو، وهي محاصرة من دعم العرب ذوي المال، وهي محاصرة من بعض العرب أصحاب الجيوش افتراضاً، وهي محاصرة دولياً، وهي في منطقة ذات كثافة عالية من السكان، وهي، وهي تفتقر إلى كل ما يمكن أن يجعلها قوة تقف في وجه أعتى قوة في العالم “الصهيونية العالمية” باقتدار أمريكا ودعم أوروبا وإمكانيات دول وحكومات ودعم منظور وغير منظور. إن الإعجاز الذي قدّمته وتقدّمه غزّة، رسالة قوية تعزّز إيمان كل مؤمن بأمته وعروبته وإسلامه، وهي رسالة تقلق كل خائن بائع لقضيته، ممسكاً بذيل أعداء الأمة وخصومها اعتقاداً منهم أنهم الأقوى والأكثر اقتداراً، وأنهم ضمان المستقبل. لله درّك يا غزّة هاشم، لقد فعلتِ ما لم تفعله دول وحكومات ظلّت رافعة شعارات وعناوين اتضح أن جميعها كرتونية مفرغة من داخلها؛ وضعها يشبه كثيراً أحجاراً على مربع الشطرنج تحرّك ولا تتحرّك، فاقدة للإرادة والشعور بالانتماء إلى أمة هي خير أمة أخرجت للناس وفاقدة للمشاعر الإنسانية؛ إذ لا حركة فيها تجاه الدم الطاهر النازف من جرح غزّة، وهي أيضاً مستلبة تعيش في حالة فصام ولا تملك بوصلة للمستقبل. هنيئاً لك غزّة، رغم جراحك العميقة ورغم تضحياتك الجسيمة ورغم الثمن النفيس الذي تقدّمينه ثمناً لانتمائك إلى أطهر أمة وأرفع رسالة عرفتها البشرية، هنيئاً لك إنجازك الأسطوري الذي عجزت جيوش وكروش عربية كثيرة عن إنجازه في كل حروبها الدعائية التي كثيراً ما أزعجنا إعلامها بتلك المنجزات الوهمية التي تحوّلت قيوداً على الأمة وقرارها. نقول لك الله يا غزّة، شهداؤك في الجنة، وجراحك إن شاء الله بعافية عاجلة، ومن نصر إلى نصر، ومن اقتدار إلى اقتدار، ونسأل الله أن يصحو حكام الأمة، وتصحو جيوشها وتسترد الأمة حقها وقرارها وتحرّر فلسطين وتعود إلى الأمة ريادتها ونهضتها. والله من وراء القصد