مازلنا لم نفق بعد من الكابوس المرعب الذي قدّمته لنا «القاعدة» من ذبح الجنود في حضرموت، ولكن مضت الحكاية وكأنها رواية رعب أهدتها لنا هذه الريح السامة مثلها مثل مجزرة السبعين وكلّية الشرطة والعُرضي وغيرها، والبعض لم يغيّر سياسته ومنهجه؛ فلاتزال الآلية التقليدية العاجزة والأفكار العتيقة مسيطرة ولا تحقّق شيئاً من المطلوب، ولا تفي بمطالب الواقع المتغيّر والذي يحتاج إلى مزيد من الاهتمام والتغيير من الأفكار والسياسات بما يضمن تحقيق الأهداف وسرعة التعامل ومواجهة الأخطار كافة وخصوصاً تلك المجازر والتصرّفات اللا دينية التي يقوم بها تنظيم «القاعدة» والتيارات الدينية المتطرّفة ومواجهة تمدّدهم ومنعهم من تنفيذ أي مخطّطات سواء اليوم أم غداً. فلا يُعقل أن تصبح أرواح الجنود هبة تقدّم كل يوم إلى الإرهابيين ليقتلوهم بدم بارد، وعلى الدولة أن تعي مسؤولياتها وتقوم بواجباتها على أكمل وجه، فمن المستفز لمشاعر المواطن وأهالي الضحايا أن يُعلن عن القبض على أحد الإرهابيين وأفراد العصابة أو حتى أحد المشتبه فيهم لنتفاجأ بعد أيام أن المقبوض عليه وجد مقتولاً في الزنزانة؛ منتحراً أو مقتولاً لا فرق..!!. فمثل هؤلاء المجرمين لا يجب أن تتساهل الدولة معهم؛ بل يجب عليها أن تتحفّظ عليهم في أماكن مخصّصة توازي حجم الجرائم التي ارتكبوها أو حتى المتهمين فيها، وألا تسمح بحدوث هذا في داخل حجزها المحصّن أو الذي يُفترض أن يكون محصّناً. وإذا كل متهم ومجرم أفلت من العقاب إما بالهروب بسبب التواطؤ أو تخلّصت منه العصابة وهو في الحبس أو حتى انتحر لمعتقدات مغروسة لديه، فلا مجال للحديث عن أجهزة يجب أن تكون عند أعلى مستويات الحزم والعمل المتواصل في أداء واجباتها ومهامها على أكمل وجه. دماء الجنود غالية وأغلى بكثير ممن هم قابعون في مكاتبهم ويصدرون التوجيهات والأوامر؛ وذلك الجندي يتلقّى كل معاناة الحياة سواء المعيشية الصعبة أم المناخية التي تتغيّر طوال العام وهو يواصل الدفاع عن الدولة والمواطن، وعدم توفير الحماية المطلوبة لأرواحهم الغالية، فتلك الدماء الغالية تستحق منكم يا صنّاع القرار إعادة التفكير بحقوق هذا الجندي وكذا خلق روح المسؤولية الوطنية التي يفتقدها أغلب المسؤولين، والتي تعتبر من أهم أسباب سهولة صيد أرواح الجنود والمواطنين من قبل جماعات «القاعدة» وأجنحتها المتخلّلة بيننا والتي للأسف أصبحت تشاركنا في الحكم. شظايا روح..!! ذكرى جندي، شهيد يسافرون بأشلائهم ويتركون نحيب وأنين الثكالى والأطفال، ونحن نندّد ونحزن، ثم نشيّعهم إلى مقابر النسيان، وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.