قال لنا في تمام الساعة الثامنة مساء الغد سأكون في المطار وسنلتقي الصباح لنودع بعضنا ، كانت كلماته كافية ليصرخ كل واحد منا بأعلى صوته ، لا تغادر نرجوك.. سنحزن لذلك كثيراً .. رد علينا هكذا هي سنة الحياة نلتقي أناسا فنعرفهم ، ونحبهم ، ونفارقهم فجأة مجبرين. ابتسامته العريضة ، وطرافته الساخرة ، وروحه الجميلة ، وحبه للعطاء ونقل كل ما يكتسبه من خبراته المتراكمة في العمل التلفزيوني خلال أسبوع واحد وهي فترة برنامج تدريبنا ، كان ذلك أشبه بالنسبة لنا بحلم رومنسي يصعب الوصول إليه لكنه كان واقعاً نعيشه. فكرنا طويلاً ما الذي نستطيع أن نكرم به الصحفي الإنسان سمير ليتذكر أجواء تفاصيل الأيام التي عشناها وهو الذي جاء عنوة لتدريب أول مجموعة 15 صحفياً في دورة المراسل التلفزيوني ضمن برنامج«سفراء الجزيرة» نسقته منظمة بلا قيود مع مركز الجزيرة للتدريب وكان من حظنا أن نكون مع الصحفي سمير الذي ألفناه وجذبنا بأسلوبه وطريقته فأحببناه من أعماقنا. سمير حسن كنموذج لأي صحفي في شبكة الجزيرة يحترم نفسه، مهمته احترام عقول الناس ونقل الحقيقة والمعلومة بكل حرفية وتجديد ومهنية ، رسمياً منذ 16 سنة يعمل مراسل القناة في البوسنة والهرسك ودول الاتحاد اليوغسلافي السابق، وهو الصحفي الحربي الذي قام بتغطية حرب البوسنة الدامية وكرواتيا وكوسوفو ومقدونيا والعراق وسوريا وعمل قبلها في عشرات الصحف والإذاعات العالمية والتلفزيونات العربية.. أنت تقرأ سيرة صحفي بحجم أعرق شبكة إعلامية في الشرق الأوسط – الجزيرة – والتي تنفش ريشها في كل اتجاه وتستمع لأحدثك كطالب أمارس الصحافة واستعد لإنجاز مشروع تخرجي من كلية الإعلام صنعاء ولم أشعر طوال مشوار دراستي بأني أنتمي إلى مجال التخصص مثل ما شعرت وأنا أستمع إلى المعلم الأستاذ سمير وهو يترك النقاط على الحروف ويلهمنا من خبراته ما قدر عليه وزيادة.. قبل مغادرته بيوم تأخر معنا حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً كي ننجز التطبيق العملي لتقارير ميدانية وفق معايير المهنة التي أضافها إلينا. نعم غادر الصحفي سمير حسن صنعاء بعد أن صلى الجمعة الماضية في ميدان الستين كواحد من اليمنيين الذي ترهقهم أخبار الحرب والسياسية كل يوم.. تعرف سمير على أشياء كثيرة من بينها استسهال العمل التلفزيوني في القنوات المحلية اليمنية حد تعبيره وترك المعالجات اللازمة لتجاوز ذلك ، أنفسنا رغم اختلاف توجه سياسية القنوات والوسائل الصحفية التي يعمل كل واحد فيها شعرنا بضرورة احترام عقول الناس والاحتراف لنقل المعلومة مجردة خالصة. ترك سمير لنا عناوين للتواصل وتركنا له أجهزة البث المباشرة لقنوات قلوبنا إليه مفتوحة .. ترسل إليه أبرز عناوين المودة الخالصة والإجلال والحب والامتنان. أخبرته : كأنني أعرفك وتعيش معنا منذ عام وليس أسبوعاً واحداً .. قال لي أنا أشعر بأن لنا خمس سنين وربما أكثر من ذلك. مطلوب من كل صحفي يمني اليوم أن يحترم عقول الناس ، ويحترم نفسه قبل ذلك وبعده .. ذلك أكثر ما نحتاجه اليوم وأكده إلينا الأستاذ سمير كوصية أب لأبنائه قبل الرحيل إلى الاغتراب ومغادرته مطار صنعاء. [email protected]