تظل الثنائية الضدّية بالقطاعات المختلفة شاهدة على عناية الموظف أو إهماله، كما تعكس حُسن الإدارات أو سوءها. الموظف أحياناً هو الموظف في القطاع الحكومي والخاص، لكنه ينظر إلى مال الدولة على أنه بلا أهمية وهو غير محاسب على إهداره له، لكنه في القطاعات الخاصة يتعامل معه وكأنه ماله. لماذا يتلاشى الإحساس بالمسؤولية لدى المدير والموظف والعامل تجاه المال العام، ويرتفع الإحساس بها في القطاع الخاص..؟!. يبدو أن السبب هو عدم وجود مبدأ الثواب والعقاب في القطاع الحكومي، ووجوده بقوّة في القطاع الخاص، لذلك تجد الاعتناء بالمؤسّسة أو المرفق في القطاع الحكومي من أول المبنى إلى نهايته مهمل من حيث النظافة والنظام والالتزام بأوقات العمل، وحضور المدير، ومتابعة كل إدارة لموظفيها، بينما يحدث العكس تماماً في القطاع الخاص، الاستقبال والنظام والالتزام، وحضور المديرين ومتابعة الأقسام، ومعرفة كل شاردة وواردة في العمل. للأسف مازال معدّل دخل الفرد في القطاع الحكومي متدنياً بشكل لافت مقارنة بالظروف المعيشية التي يعانيها الموظف اليمني، وهو الأمر الذي يجعله الموظف شمّاعة يعلّق عليها عدم اهتمامه بالعمل الحكومي ويبحث عن مصدر دخل آخر قد يكون بالأجر نفسه أحياناً وقد يكون أقل، لكن خوفه من فقدان هذا الدخل الإضافي الذي ينعشه بعض الشيء يجعله يعتني بعمله الخاص بينما عمله الأساسي مرتبط بالدولة، وهو يعلم أن الدولة لا تحاسب ولا تعاقب. عندما نوجد رقيباً ذاتياً في عملنا، ونشعر بأهمية المال العام، وأنه مالنا ومال أولادنا، وأن القائم بالإدارة هو موظف كما نحن موظفون مع الدولة، ولسنا موظفين معه؛ حينها نستطيع أن ننسف الفساد؛ لكن إذا استمر صمت الموظفين وتهرّبهم من الوظيفة الحكومية تحت مبرّرات مختلفة فهو إعلام بتفشّي فساد مستقبلي إضافي على ما يحدث الآن؛ إذ أصبحنا نشكر المدير لتعاونه، وننشر هذا الشكر على صفحات التواصل الاجتماعي، فقط لأن المدير قام بمهامه المنوطة به..!!. سيظل وضعنا يسير إلى الأسوأ ما لم يستشعر الموظف الحكومي رقيباً ذاتياً هو ضميره يجعله يعتني بعمله وواجباته، ويستشعر المسؤولية الوطنية تجاه بلده، فأنت عندما تترك عملك فهذا يعني أنك تفرّط في مال أولادك مستقبلاً. [email protected]