نعم لتنتهي مواسم النخاسة في هذا البلد المعطاء, لتنتهي الولاءات الفردية والحزبية التي أدخلته أتون الصراعات ولنبدأ معه صياغة وطن حقيقي برؤى وطنية حقيقية لا حيّز فيها للأطماع والهيمنة والغطرسة وتأليب النفوذ على حساب وطن ينهار. هذا ما يأمله كل شعب اليمن الصابر على الموت والمعاناة على أمل لحظة انفراج لمشهد الموت هذا.. وماهو معوّل عليه من توقيع وثيقة السلم والشراكة الوطنية التي وقّعتها كل المكونات السياسية لبدء عهد جديد من الانتصار للوطن والولاء له وإعلاء مبادئ المصلحة الوطنية على الفردية والحزبية. فيتوجب على الجميع دونما استثناء التعامل مع هذا الاتفاق بمنطق وطني وبمسئولية كبيرة بحتة لا على أنها حبر على ورق فقط وتزول بزوال المؤثر, فلن ينقذ الوطن سوى أبنائه المخلصين بعد كل الأحداث الدامية التي حدثت في عديد مدن يمنية وبعد شلاّلات الدماء التي انهمرت ومازالت وكادت أن تنزلق باليمن إلى جحيم حرب طاحنة لن تُبقي ولن تذر، وبهكذا اتفاق فإنه تلوح لنا بوادر انفراج سياسي بإذن الله يجنّب الوطن سعير الطائفية والاحتراب وسعير الحرب الأهلية المُدمّرة. لكن التوقيع لا يعني شيئاً ولن تكون له قيمة إن لم تغير المكونات السياسية طريقة تعاطيها مع العمل السياسي وضرورة الرقي به إلى مستويات ترتقي بمبادئ الوطنية الحقيقية للوطن. وعلى الجميع إدراك أن الشراكة الوطنية هي قبل كل شيء بناء وتنمية الوطن وليس هدمه, معناها تقبّل الآخر بفكره والتجادل بالتي هي أحسن وبما ينفع الوطن, معناها أن الجميع في خندق واحد, خندق البناء والتنمية وليس الخلاف والعداء, معناها عدم الانزلاق والاعتماد على المؤامرات والمراهنات في تمرير مصالح سياسية خاصة، بل الاجتماع على طاولة واحدة والشراكة بعقل وحكمة دونما دسائس وضغائن, معناها الكفر بإكالة التهم للغير وجرّه إلى مربّع صراع دموي الكل فيه غرقى, معناها الوطن الكبير الذي لابد وأن يتجاوز كل مربّعات الدم والقتل والهدم.. إن كنا نريد النجاة بالوطن فلا بد من احتواء الجميع تحت سقف وطني واحد شعاره الوطن للجميع ومن فوق الجميع والمواطنة حق للجميع دونما مراكز قوى مهيمنة وهمجية تعبث وتفتك وتدمّر. في هذه المرحلة الخطيرة الكل معنيٌّ والكل شريك والكل فعّال.. ولنترك التسويف والمماطلة لأنها من الأسباب الأساسية التي أوصلتنا إلى هذا الجمر والحطب المشتعل في كل زوايا اليمن. الكل مُطالب أمام الوطن أن يبرهن على أنه يستحق هذا التراب الغالي, فاليمن الآن بين نارين لا ثالث لهما (تكون أو لا تكون) ونريدها بالفعل أن تكون وتتعافى وتدخل مصاف الدول التي تسير بقوة القانون لا بقانون القوة والغابة.. علينا أن نكون عوناً لبعضنا لا ضد بعضنا وندرك أن الشراكة الوطنية هي الوطن وليست فلاناً أو علّاناً أو فلتاناً وستنزاح غمّة هذا الوطن الأبي بمشيئة الله ومشيئة هذا الشعب العملاق،وحماك ربّ السماوات يا يمن.