وطننا اليمني يعيش في لحظة فارقة ومفصلية في تاريخه السياسي بشكل خاص والتاريخي بشكل عام.. وبالرغم من ذلك إلا أننا جميعاً دونما استثناء, سواء الساسة أو المسئولين أو المواطنين، اكتفينا باتخاذ الشكوى ملاذاً وظللنا نندب حالنا وما وصل إليه واقعنا من هدم واكتفينا بلعب هذا الدور العاجز دونما أي استعداد على اتخاذ خطوات إيجابية لتعديل الواقع الضحل هذا والذي ارتضينا بالغوص فيه, تحده الصراعات والانتكاسات من كل الجهات. نعم موقعنا الآن هو النواح الذي استسلمنا له ولا نريد أن نتجاوزه لشيء غيره في حين إننا في مرحلة تتطلب جهود الجميع وبلا استثناء ونبذ جانب العجز والتواكل الذي نحن مقتنعون به ونؤدي دوره ببلاده عمياء. اللوم وإلقاء المسئولية على الغير أيضاً من عاداتنا القبيحة، السياسي يتملّص والمتحزّب يتحاذق والمواطن ينوح والتاجر يتفلسف والمثقف يؤدي دور الضحية العاجز .....إلخ من هذا العجز الطافح. وفي النهاية نطلب من الوطن أن ينصلح ويقيم اعوجاجه من تلقاء نفسه بينما نحن نخرج أنفسنا كالشعرة من الطين فكيف سينصلح الوطن يا أصحاب العقول والأيدي العاجزة؟ وهل ننتظر شعباً فضائياً يصلحه لنا إن كنا لا نعترف بأخطائنا ومعجبين جداً بحالنا هذا ومكبلين بعقلياتنا المريضة عن صلاح نفوسنا وواقعنا المتهالك؟. الكل وبلا استثناء ساهم ويساهم في ذبح واقعنا في تردّي أحوالنا وهتك اقتصادنا واضطراب أجواء السياسة، ومع ذلك يرفضون تعديل ما أفسده تخاذلهم أو التكفير عن ذنوبهم في حق بلدهم. فلا السياسي يريد أن يقبل بالغير ويُصر على الدسائس.. ولا المتحزّب يقبل أن يمد يده للحزب الآخر كي يبنوا جسراً من التعاون لمصلحة واقعهم..ولا المتسلّح يريد ترك سلاحه ويمسك معول البناء، ولا العقليات الهمجية و القبلية ترضى أن نتخلّى عن بعض غرورها لتسير سفينة الوطن إلى بر السلامة، ولا المواطن قادر أن يخرج من جلباب الضحية الذي دثّر به نفسه ويخرج إلى منطقة العمل كلٌّ حسب موقعه حتى ولو برفع حجر من على قارعة الطريق.. ولا بعض من تلك القوى يرضى أن يعترف أن للدولة سيادة على الجميع وأنهم ليسوا سوى مكون سياسي لابد أن يلتزم بقوانين الشراكة السياسية ككل بلاد الدنيا. هكذا نحن نعيش واقعاً عبثياً و فوضى عارمة جدا،ً الكل يرى نفسه مُحق وفوق الوطن وفي نفس الوقت يندب وينوح ويلطم الخد على الخد ويطالب كائنات غيرنا أن ترمّم ما أفسده الولاء الناقص للوطن والخراب الشامل لكل مكونات الوطنية. بالمختصر نحن سبب كل بلاوينا وكل انتكاساتنا وكل خيباتنا ومع ذلك نرفض الاعتراف ونصر على المكابرة والشكوى العقيمة والنواح البليد. وبصراحة نحن جميعاً لا نستحق هذا الوطن الغالي الذي استرخصناه بأفعالنا الماجنة والتدميرية. فلنذهب جميعنا إلى الجحيم وليبقى الوطن فوطن عجزنا عن بنائه لا نستحقه. [email protected]