ما قامت به اللجنة الشعبية للتقريب بين المكوّنات السياسية يوم الأربعاء كان رائعاً ومثيراً للاهتمام، كون قادة أهم الأحزاب والقوى على الساحة اليمنية انصاعوا لدعوة وجهود لجنة يرأسها مثقف وشاعر وأديب كبير وصاحب قلم فقط هو الدكتور عبدالعزيز المقالح. وبحسب ما تم تداوله خبرياً؛ فإن جهود أسابيع تمخّض عنها توقيع بيان أقرب إلى اتفاق نصّت بنوده على نقاط هامة أبرزها التمسُّك بالحوار وإشاعة التصالح والتسامح ورفض الانفراد بالسلطة كون «الانفراد بالسلطة وممارسة الفساد وما يرافقهما من إقصاء متعمّد للمكوّنات السياسية الفاعلة وحرمانها من المشاركة سوف يترتب عليه خلق أزمات متلاحقة في المستقبل». وبموازاة ذلك نتمنّى على تلك اللجنة أو لجنة مشابهة تكريس أسابيع أخرى وجهود مماثلة وجمع تلك الأحزاب والقوى على بيان أو اتفاق يُجرِّم التعرض للصحافيين والمشتغلين بمهنة الإعلام، ويخرج منهم بتعهد جماعي بعدم ممارسة أي انتهاكات ضدهم سواء كانت انتهاكات جسدية أم انتهاكات نفسية عبر التهديد والضغوط لإثنائهم عن البحث عن الحقيقة وتقديمها إلى الرأي العام. وبطبيعة الحال لا يعني ذلك منح الصحافيين والإعلاميين سقفاً مفتوحاً من الحرية وصولاً إلى الفوضى التي تلحق الضرر بالآخرين عبر بث شائعات وأكاذيب ومغالطات, إذ أن من حق جميع القوى والأحزاب والشخصيات كبيرة كانت أو صغيرة ردع مثل تلك الأفعال غير المهنية؛ ليس بالقوة والعنف وإنما بسلوك حضاري وقانوني يتمثّل برفع دعاوى قضائية ومحاكمة كل من يمارس عملاً صحفياً وإعلامياً خارج الإطار المهني والقانوني. في الفترة الأخيرة تابع الجميع زيادة في البلاغات المرفوعة من صحافيين ومراسلي قنوات ووسائل إعلامية سواء محلية أم خارجية بخصوص التعرّض لانتهاكات، وفي أغلب تلك البلاغات إن لم يكن جميعها كانت أصابع الاتهام توجه إلى جماعة مسلّحة. وخارج تلك البلاغات هناك أيضاً بحسب ما عرفت إعلاميون ومراسلون يتعرّضون لضغوطات وتلقّوا تهديدات مبطنة وتُكال إليهم اتهامات من قبل البعض أنهم منحازون وأنهم إما إخوانيون أو دواعش, لمجرد أن أعمالهم الصحفية لا تلامس هوىً لديهم. في الظرف الراهن قد لا يكون مجدياً الطلب من الجهات المعنية وضع حد أو التصدّي لأي انتهاكات, فالجميع يعلم واقعها وقدراتها, ولكن ما يمكن طرحه على سياسيين خُبراء ومثقفين وحُكماء, إدراك حقيقة أن مثل هذه الأعمال والممارسات والانتهاكات تنسف أية دعوات أو ادعاءات بخصوص مساعدة الشعب على اجتثاث الفساد ورد المظالم والتبشير بحياة أفضل.