قال الله تعالى : (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) جواب عظيم للسؤال الكبير لماذا نقرأ التاريخ؟. والعِبرة هي الاستفادة من الماضي والمستفيد هم أصحاب العقول الكبيرة ، أصحاب الأهداف والغايات السامية، يقول عالم الاجتماع علي الوردي: إننا ندرس التأريخ لكي نستفيد منه لحاضرنا ومستقبلنا هذا هو مقصد الشعوب الحية من دراسة التأريخ. . التأريخ التفصيلي لعصور ما قبل الصورة تحديداً هو مجموعة ظنيات وحكايات فيها الكثير من الزيف والمغالطات ونكون أغبياء جداً عندما تصبح كثير من تلك الحكايات منطلقات للعداء خصوصاً أن التأريخ يكتبه المنتصرون غالباً وبالتالي يشيطنون المهزوم ويظهرونه في أسوأ صورة، ونخطئ كثيراً عندما نقيّد أنفسنا بقيود التأريخ ونجعل منه متحكّماً فينا لا واحداً من أسباب نهضتنا. كمسلمين يرانا الآخر بعين السخرية وبسؤال وجودي كبير: هل يُعقل أن هذه الحروب الكبيرة أهم أسبابها روايات تأريخية؟! لو كنّا عقلاء لتجاوزناها سواءً كانت صحيحة أو كاذبة، فنحن لسنا طرفاً فيها بل إن فلسفتنا الإسلامية تأمرنا بدراسة الماضي للتأمل وأخذ الفائدة والعبرة فقط. يُقال إن تمريناً طُبّق على مجموعة من الناس يجلسون في دائرة ثم يهمس أحدهم في أذن الآخر بحكاية ويطلب منه نقلها لمن بجواره ثم يتناقلها الجميع ثم يطلبون من الأخير حكايتها علناً، تبين أن الحكاية تغيرت كثيراً عما رواها الأول وهم في مجلس واحد فكيف بروايات تأريخية مرت عليها قرون وتناقلها ونقلها الآلاف من الناس لا شك أنها ستكون مخلوطة بالأخطاء والأغاليط، وقريب من هذا التمرين يحدث في حياتنا اليومية بنظرة على الصحف والمواقع الإخبارية سنجد خبراً واحداً بعشرات الروايات في اليوم الواحد. الفتنة بين الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وكيف سقطت الدول، الحرب العالمية الأولى والثانية، أسبابها ونتائجها، سايكس بيكو وماتلاها من احتلال للبلدان العربية، ثورات التحرر وحركات الاستقلال كل هذه الأحداث الكبرى ومثلها برأيي ليست إلا دروساً يجب أن نأخذ ما يمكن أخذه منها من الفوائد ونتجاوزها لما هو أهم، فنحن أبناء اللحظة كما يُقال وقد نكون بالنسبة للأجيال القادمة درساً تأريخياً جميلاً أو سيئاً نحن من نقرر ذلك.. بقي هل نحزن لأن الماضي كان سيئاً ولم يكن كما نحب؟! شخصياً أرى إننا كيمنيين نملك فائض حزن كبير لا من الماضي ولا من كل الحاضر بل من أحداث السنوات القليلة الأخيرة فقط وبالتالي أظن أننا لو استطعنا نسيان الماضي القريب - الذي شاهدنا فيه قتلاً لأحلامنا - واتجهنا نحو المستقبل ولو بخطوات بطيئة وبإمكانات بسيطة لكان ذلك إنجاز كبير نستفيد منه نحن والأجيال القادمة فقط ليتنا نكف عن هذا الجنون. [email protected]