بعد مخاض من المشاورات والمداولات بين مختلف القوى السياسية, جاءت حكومة الشراكة الوطنية أو حكومة الكفاءات والوجوه الجديدة كما يسميها البعض!!، والحقيقة أن نجاح هذه الحكومة في أداء مهامها في ظل الظروف والمتغيرات والأحداث الحالية التي يمر بها الوطن اليوم يرتكز على عدة مقومات أو متطلبات لازمة وضرورية وهامة جداً لتحقيق هذا النجاح في الواقع العملي من وجهة نظري. من هذه المقومات أو المتطلبات: دعم ومساندة هذه الحكومة من قبل مختلف القوى السياسية الفعّالة على الساحة الوطنية, وهو مالا يمكن أن يتحقق في ظل حالة الانقسام والاختلافات والمكايدات السياسية السائدة حالياً بين مختلف هذه القوى, والذي سوف ينعكس بلا شك على أداء وممارسات ممثلي هذه القوى في مختلف الحقائب الوزارية، وقد يقول قائل: إن هناك العديد من الوزراء في هذه الحكومة شخصيات مستقلة ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة, ويمكن أن تؤدى مهامها بفاعلية وبعيداً عن تأثير القوى السياسية، لكنني أقول: إن استقلالية أو حيادية الوزير وكفاءته لا تكفي بحد ذاتها لنجاحه في أداء مهامه وإدارة وزارته بفاعلية طالما وأن بقية أو معظم الكوادر القيادية والإدارية في مختلف مرافق ومفاصل الوزارة ينتمون إلى مختلف القوى السياسية اليمنية, ولذلك فإن من مقومات نجاح هذه الحكومة أيضاً تغيير الوجوه المألوفة والتاريخية من وكلاء ومدراء العموم بما ينسجم مع التغييرات التي تمت على مستوى الوزراء حتى لا يظل الوزير الكفء والمستقل في أي وزارة يقضي جلّ وقته في معالجة مشاكل الوزارة الداخلية بدلاً من التفرّغ لخدمة الوطن والمواطن في إطار مهام ومسئوليات وزارته. ولهذا فإن نجاح الحكومة الحالية مرهون أولاً بمدى دعم ومساندة مختلف القوى السياسية لها, وهو ما يتطلب من ممثلي مختلف هذه القوى أن يدركوا جيداً خطورة المرحلة التي يمر بها الوطن ومسؤوليتهم الوطنية إزاء ذلك فيكونون عند مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه هذا الوطن, وعليهم جميعاً السمو فوق الخلافات والصغائر, ونبذ الماضي بكل مساوئه وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن وتاريخهم السياسي عنوانها اليمن بلد الجميع ويتسع للجميع. فالكل مسئول أمام الله والتاريخ عن هذا الوطن من منطلق مركزه ودوره وتأثيره في الحياة السياسية على الساحة اليمنية. كما أن من مقومات نجاح هذه الحكومة ضرورة رفد مختلف حقائبها الوزارية ومرافقها بقيادات جديدة ودماء شابة متخصصة ونزيهة ومخلصة تغلب مصلحة الوطن وأبنائه على مصالح ورغبات ونزوات أي حزب أو قوى سياسية ثم يأتي من بعد ذلك أحد أهم وأبرز مقومات أو متطلّبات نجاح هذه الحكومة في ممارسة أدائها والقيام بدورها في خدمة الوطن والمواطن, وهو سيادة ثقافة العمل الجماعي والعمل بروح الفريق الواحد بين مختلف أعضائها ومكوناتها بحيث يصبح العمل الجماعي والعمل بروح الفريق الواحد جزءاً من سلوكهم الوظيفي والحياتي وركيزة أساسية من ركائز الإدارة الحديثة التي يجسدونها في ممارساتهم لمهامهم وأعمالهم اليومية في مختلف وزاراتهم ومرافقها المختلفة. حيث أن من أبرز العوامل الأساسية التي أسهمت في تقدّم ونهضة العديد من الدول والمجتمعات المتقدمة في العصر الحديث إيمان وثقافة أفراد هذه الدول والمجتمعات بقيمة وأهمية العمل الجماعي أو عمل الفريق الواحد في كل المجالات المرتبطة بعمليه التنمية والتطوير في الدولة والمجتمع. أتمنى لحكومتنا الرشيدة التوفيق والسداد, وأتمنى لوطني الحبيب الأمن والرخاء والاستقرار. [email protected]