يعتبر نشر وتعميق الثقافة الديمقراطية بين مختلف أوساط المجتمع من العناصر الأساسية المهمّة لترسيخ هذا المبدأ وتقاليده، وفي خضم الحراك السياسي والتفاعل المجتمعي والانتظار بفارغ الصبر لانقضاء الفترة الانتقالية واستقبال الحدث الديمقراطي الذي تجسّده الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة التي يتهيّأ لها المواطن بحماس وسعادة، ويجب أن يعمل الجميع بجدّية للإعداد لها على الفور دون توانٍ. وفي ظل كل ذلك يُنتظر أن تتمتّع جميع الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناخبين بقدر كبير من المسؤولية ومستوى عالٍٍ من الوعي بعيداً عن المماحكة والمكايدة، وإدراك أهمية الدور الذي يمكن أن يؤدّيه كل طرف للتفاعل مع هذا الحدث الديمقراطي - الذي ينتظره الجميع - بمصداقية وأمانة في التعامل، وبممارسة حضارية دون انفعالات أو تشنّجات أو إطلاق شعارات كاسدة. وفي سبيل عدم تعكير صفو الأجواء أو تشويه الاستحقاق الديمقراطي؛ لابد أن تُمارس الأحزاب والتنظيمات السياسية دورها، مستبعدة خلافاتها ومشكلاتها الداخلية المتعدّدة، وأن يعمل الجميع على نبذ العصبية التي تمزّق وتفرّق وتخل بمبادئ الانتماء والولاء للوطن والإيمان بالوحدة. ولا يقل دور منظمات المجتمع المدني المنتشرة في ربوع الوطن عن دور الأحزاب والتنظيمات السياسية باعتبارها قطاعاً حيوياً ذا أهمية مؤكدة، ودورها متعدّد الأوجه، فإلى جانب التوعية والرقابة؛ عليها أيضاً تعزيز مبدأ الشراكة مع الحكومة في مختلف المجالات التنموية العديدة. ويظل الناخبون هم الركيزة الأساسية لأية عملية انتخابية، حيث يفترض أن يمارسوا حقهم الديمقراطي بأمانة ومسؤولية دون التأثُّر بحملات الدعاية الحزبية أو السياسية أو الاجتماعية أو على أي صعيد من الأصعدة. ولا شك أن الناخب على مدى السنوات الماضية من الممارسة الديمقراطية قد تحرّر من جميع المؤثرات، ولم يعد يتأثّر بالدعاية المضلّلة التي أصبحت الثقة بها مفقودة، ولا بالمساومة على صوته أو بالإملاءات أياً كانت سواء ترهيباً أم ترغيباً حيث كانت فيما سبق واردة. فقد تحصّن الناخب بوعيه بأهمية وقيمة صوته وأنه يمارس حقاً لا وظيفة، وبإدراكه الواعي لما تعنيه المسؤولية والمصلحة الوطنية العليا بصورة أكيدة، ولذلك فالناخب هو صاحب الكلمة الفاصلة يوم الاقتراع الحُر حينما يؤكد خلاله قوة ومصداقية انتمائه الوطني الذي يفوق أي انتماء وأي تأثيرات حزبية أو سياسية واعدة أو متوعّدة. ونتوقّع حدوث نقلة نوعية في التجربة الديمقراطية والتي تتجلّى في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة بعون الله بخصوصيتها اليمنية المتفرّدة، ولا ريب ولا عيب أن أية تجربة قد تتخلّلها بعض السلبيات؛ إلا أن التجربة الديمقراطية في اليمن بشكلها العام تعتبر تجربة متقدّمة على مستوى المنطقة وتتطوّر بصورة مطّردة. ومع ذلك فإن أبرز السلبيات هي الأزمات والمشكلات الداخلية التي تعاني منها الأحزاب والتنظيمات السياسية، وكذلك بعض منظمات المجتمع المدني العتيدة أو الوليدة؛ وبالرغم من ذلك فقد خلقت الديمقراطية الناشئة حالة من الوعي المتقدّم في واقعنا الاجتماعي تجاوز الأداء المتدنّي لتلك الأحزاب والمنظمات وتأثيراته السلبية المحدودة. وهاهي الشواهد تتجلّى مهما كانت المكائد، ويجب أن يعلم الجميع أن للديمقراطية استحقاقات وأخلاقيات وضوابط غير معقّدة، أما تضليل الرأي العام فإن الحقائق تكشفه وتعريه على أرض الواقع، وعند ذلك لابد أن تخرس الأصوات الفاسدة؛ ليعلو صوت الحق معلناً الانتصار للوطن والوحدة الوطنية والديمقراطية والتنمية المتجدّدة والانتصار الحقيقي للوحدة الوطنية، وتلك هي القضية. [email protected]