الأخ وزير الصحة: السلام عليكم ورحمة الله.. وبعد: فإن أحد الأسباب الكثيرة والكبيرة في تردّي الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية هو أن خدمات المستشفيات في بلادنا لم يُنظر إليها على أنها تليق بكل أفراد الشعب، بل نظروا إليها منذ البداية على أنها لا تليق إلا بالفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر، وليس لأن الواجب الوطني والديني والإنساني يقتضي العناية بالإنسان نفسياً وبدنياً وإنما لإسكات أصوات الأنين الصادرة عن المرضى والمصابين بالجروح والحروق والطلقات النارية التي تجاوز شرّها كل حد..ينظر الناس اليوم أو الأمس إلى الخدمات الطبية في المستشفيات على أنها لا تليق بأبناء الوزراء ولا مجلس النواب ولا أعضاء مجلس الشورى ولا بوكلاء الوزارات والمصالح الحكومية وغير الحكومية ومادام الأمر كذلك فإن هذه المجالس كلّها تعلم أن انحطاط الخدمات الطبية لا يمسّها بسوء ولا يقلق راحتها بشيء، فلماذا توافق على رفع مستحقات الصحة الوقائية أو العلاجية، وذلك لأنهم قد اعتادوا أن يسافروا للعلاج! إنه في تاريخ الصحة في بلادنا لم يسبق لوزير من وزراء الصحة أن طالب أعضاء مجلس الوزراء أن يصحبوه جميعهم لزيارة المستشفيات ليطّلعوا بأنفسهم على أوضاعها بأنفسهم وزيارة أخرى لأعضاء مجلس النواب وزيارة ثالثة لمجلس الشورى وكما لم يحدث أبداً لأي وزير من وزراء الصحة أن أخذ تعهّداً من أعضاء هذه المجالس، أن لا يتطلّعوا إلى الخارج لمعالجتهم أنفسهم أو أبنائهم أو أزواجهم، وإنما عليهم أولاً التوجّه إلى مستشفياتنا وذلك بعد أن يتفق الجميع على رفع مستوى الخدمات في مستشفياتنا من حيث النظافة قبل كل شيء والاهتمام بالتعقيم بحيث تخلو المستشفيات من العدوى، وأن تُعقّم الغرف تعقيماً كاملاً بصورة دائمة مستمرة ليلاً ونهاراً، صبحاً ومساءً، لابد من العناية بتأهيل الأطباء تأهيلاً علمياً وسلوكياً وأخلاقياً، وكذلك الممرضين والممرضات والفئات المساعدة، وهذا لن يتحقق إلا إذا استطعتم يا أخي الوزير نقل صورة حقيقية عن واقع الصحة.. حتى تحصلوا على موافقة هذه المجالس في أن ترفع مخصصات الصحة إلى عشرة أضعاف على الأقل تستطيعون الحصول عليها إذا استطعتم جميعاً رتق الفتق العظيم الذي يتسرّب منه المال العام، لقد آل حال بعض الكوادر الطبية والصحية إلى أن تتحوّل إلى فئات جاهلة لا تُحسن شيئاً تؤديه بسبب ما تجد من إهمال في إعدادها وإعادة تأهيلها وتنشيط إمكانياتها وقدراتها العلمية والعملية.