في الغالب يصعب تغيير النظر إلى من شاركوا الأنظمة السابقة في العمل السياسي إذا ماعادوا من بوابة الديمقراطية ليكرروا المشهد فقبولهم يأتي على مضض مكره، لكن السؤال الذي يجب أن يكون حاضراً : هل كل من شاركوا في التجربة السياسية ومع القرار السياسي للأنظمة الحاكمة السابقة ملوث سياسياً؟ وهل يمكن أن نعطي قياساً حتمياً لبعض القرارات التي أُتخذت ؟. في خلفية موجة الأحداث العربية سبقت تونس كل الأقطار في محاولة الاستقرار والرضا بالقدر السياسي بغض النظر عن نتائجه المقبولة أو غير المقبولة. تُحسب للأحزاب التونسية بجميع أطيافها تجاوز مطبات السياسة والصعوبات، و الذهاب إلى اتفاق بناء. تخللت أحداث تونس اغتيالات لقادة أحزاب سياسية ليبرالية، وجاءت الإشارة إلى جماعات وتنظيمات دينية إرهابية. استطاعت من خلالها بعض القامات السياسية لنظام بن علي ترتيب الأوراق واحتواء المواقف بنفس طويل وحذر فظهر ( حزب النداء ) الذي تأسس في 2012م بقيادة الباجي قائد السبسي ورموز كبيرة سابقة شاركت النظام السابق في مراحله الطويلة. اليوم تونس على عتبة جديدة في زمن جديد وبرموز قديمة لحدث جديد، والمهمات ثقيلة قد لاتأتي بنتائج مُرضية في ظل إحباط مشبع للشارع التونسي لنتائج الانتخابات الباجي قائد السبسي الذي تولى عدة مهام في حكومة بن علي كان موضع جدل متكرر، وإثارة خلافات وشكوك حوله. السبسي ينطلق من قاعدة ( الحرس القديم ) - الرافض لموجة التغيير المسمى بالربيع العربي، فهل يتجاوز موضعه لاحتواء الجميع لأجل تونس أم أنه سيعيد تونس إلى الباب الخلفي ؟ ظاهرة التغيير في الأقطار العربية لم يخرجها من عنق الزجاجة، فظلت حبيسة هواء مفرغ محتدم يتخبط أثره في مساحة محددة. فمابين السبسي الذي يُعد انتصاراً للنظام السابق من بوابة الربيع العربي وبواجهة ( حزب النداء )، وبين السيسي في مصر الذي جاء مولوداً من مخاض عسير كادت الأحداث أن تذهب بمصر إلى احتضار وتبارح مكانها المعهود بتولي جماعة الإخوان المسلمين التي لاتحمل في جعبتها السياسية سوى التنظير السياسي والخطابات المنبرية. برغم كل الاتهامات ومجريات الإرهاب في مصر يناظل السيسي لتأسيس مشاريع إنسان ووطن يليق بمكانة مصر الريادي فبدأ بالشروع في العمل لحفر قناة السويس الجديدة بطول 73كم تقريباً وتنمية المناطق التي حولها الذي سيضاعف نسبة الإيرادات ومن المتوقع أن تصل العائدات إلى 100مليار دولار سنوياً، وضمن المشاريع - المشروع القومي للطرق، والمشروع الطموح الزراعي لزراعة 4 ملايين فدان في سيناء، والساحل الشمالي، والصحراء الغربي والوادي الجديد، ومناطق حلايب وشلاتين وصعيد مصر، وإنشاء7 أنفاق أسفل قناة السويس، ومدينة رفح وحماية مصر من الاختراق الإرهابي لأمنها اما في مجال الإسكان فإقامة مدينة الإسماعلية الجديدة، وإنشاء مدينة سكنية تجارية على البحر الأحمر، وإنشاء مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر الأبيض المتوسط على مساحة 88 ألف فدان تقريباً، وهناك مشاريع في مجال النقل والخطوط والصحة والتعليم ومجالات التنمية الآخرى. لم يواجه الرئيس السيسي إعاقة سوى أصوات التفجيرات الإرهابية في عمق التنمية المصرية، والنعيق الصادر من حناجر الداعين لإعادة الشرعية البائدة لدمار مصر وتحويلها إلى انقاض في سبيل مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن. حزب النهضة التونسي ( الإخواني ) كان أكثر تعقلاً وأفضل سياسة من حزب إخوان مصر فأعتقد أن حزب النهضة استفاد من الدرس جيداً، ورمى الكرة في ملعب الباجي قائد السبسي، أما بالنسبة للأحزاب القومية التونسية فافتقادها للوعي الشعبي الداعم لبرنامجها السياسي، وضعف توظيف برنامجها على مستوى الشارع بغياب الإمكانيات جعلها تأتي في مراكز متواضعة مع احتفاضها بنزاهة مشروعها القومي وانتمائها الوطني. فمابين تونس ومصر، إحباط مشبع بانتظار السبسي، وأمل يحدو المصريين بانتصار مصر بقيادة السيسي. ومابين السيسي والسبسي نقاط فارقة في زمن لافارق. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر