أهم حقوق الإنسان على الإطلاق هو تأمين مستوى المعيشة والتغذية والتعليم والرعاية الصحية؛ إضافة إلى إعطائه الحق في تحسين ظروفه المعيشية، ولكي يتحقّق ذلك يجب التصدّي لظاهرة الفقر التي تعتبر مشكلة محلية معقدّة، كما هي كذلك في بلدان عديدة. وقد أصبحت بالفعل قضية تشغل جميع الأوساط بل تمثّل تحدّياً حقيقياً أمام المجتمع الدولي، ولهذا فإن التعامل معها وفقاً لتلك الاعتبارات المهمّة؛ يؤكد الحاجة إلى مضاعفة الجهود ووضع المزيد من البرامج الوطنية في سبيل القضاء عليها بصورة تامة، وأنسب السبل لبلوغ هذا الهدف هو تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق التنمية المستدامة. ولا شك أن هذا الأمر يحظى بمساندة دولية جليّة، وهناك اهتمام متزايد بمحاربة الفقر وتأمين حياة كريمة للفقراء، باعتبار أن ذلك التزام أخلاقي وقيمي على المستوى الدولي قبل أن يكون التزاماً قانونياً أو سياسياً معدّاً كنصوص جوفاء؛ وذلك ما تؤكده المنظمات والجهات المعنية بحقوق الإنسان خلال إقامة الندوات والملتقيات وعبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والصحف والمجلات الغرّاء. وفي هذا الإطار تؤكد منظمة الأممالمتحدة باستمرار خلال بعض المؤتمرات والندوات التي تقيمها حول حقوق الإنسان أن ظاهرة الفقر إشكالية لها معطياتها التي تتداخل مع العديد من العوامل سواء الاقتصادية أم الاجتماعية وكذلك العوامل السياسية والفكرية والبيئية وتأثيراتها تصيب مختلف الجوانب الحياتية. وبناءً على ذلك فإن ظاهرة الفقر تشكّل خطورة حقيقية، ويجب أن تحظى بالأولوية في اهتمامات الدولة حتى تتمكّن من مواجهتها والتصدّي لها بالطرق الملائمة؛ بحيث تكثّف الجهود لمعالجتها في مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ببصيرة وحكمة، وتوضع السياسات الصائبة والآليات المناسبة لتوفير المزيد من فرص العمل إسهاماً في التخلُّص من آثار هذه الظاهرة وتداعياتها السلبية. وهناك مجالات متعدّدة لتوفير فرص العمل ومنها دعم المشروعات الصغيرة بمختلف أشكالها كالمشروعات الصناعية والزراعية والحرفية، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تقديم القروض الميسّرة عبر الجهات المعنية المتمثّلة في البنوك والصناديق المتخصّصة كالبنك الصناعي وصندوق الصناعات الصغيرة، كما يمكن أن تتبنّى الدولة إنشاء بنك مشترك بمساهمة من الحكومة والقطاع الخاص يتكفل بتمويل مثل تلك المشروعات بشروط ميسّرة. ولا شك أن تلك المشروعات الصغيرة ستكون هي القاعدة المُثلى لانطلاق غيرها من المشروعات الكبيرة المتطوّرة، وإضافة إلى الدور الإيجابي الذي ستسهم به في رفع معدّل النمو الاقتصادي؛ فإنها أيضاً ستحقق تخفيض معدّل البطالة. وربما هنالك جهود لمعالجة ورصد ظاهرة الفقر في مختلف جوانبها، بالإضافة إلى وجود دراسات وأبحاث تشكّل قاعدة معلومات عن الفقر والانتهاكات الحقوقية، وكذلك عن الاحتياجات المطلوبة لمكافحتها والحد منها في المرحلة الحالية. ولكن أمام تزايد أضرار ظاهرة الفقر وآثارها السلبية الخطيرة؛ فالدولة مطالبة ببذل المزيد من الجهود لمكافحتها باستخدام مختلف الطرق المتاحة، والاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في معالجتها والتخفيف من أضرارها بأساليب علمية متطوّرة، والاستفادة كذلك من المساندة الدولية للقضاء على هذه الظاهرة. وخلاصة القول: إن الله سبحانه وتعالى لابد أن يكون في عون العباد طالما كانوا عوناً لإخوانهم، وتلك هي الحكمة ومفتاح الإصلاح والصلاح في أبلغ صوره الوطنية والإنسانية، وتلك هي القضية. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر