المتاجرة غير المشروعة بالمبيدات ،واستخدامها بصورة عشوائية ظاهرة خطيرة تهدد حياة الإنسان والأرض ولابد أن تتضافر الجهود للقضاء عليها ووضع حد لإيقاف العابثين بهذه السموم عن التمادي في الاستهانة بحياة البشر دون أية مشاعر إنسانية أو وطنية بدءاً بوضع آلية مناسبة للتنسيق بين كافة الجهات المعنية المتمثلة في وزارة الزراعة ووزارة الصحة والنيابة والأجهزة الأمنية وكذلك السلطات المحلية في المحافظات والجمارك والمنافذ البرية والبحرية .. بحيث يتحمل الجميع المسؤولية والوقوف بجدية ضد هذا الخطر الذي عمّ بلادنا الغالية والعمل بشكل فاعل على تطبيق القوانين المتعلقة بالمبيدات والأسمدة والمخصبات الزراعية وضرورة تصنيف المبيدات واختيار الأنواع الحيوية والطبيعية الأصل منخفضة السمية التي لا أضرار لها على الإنسان والبيئة والنبات وحصر استيرادها على الشركات العالمية المنتجة المعتمدة من قبل المنظمات الدولية ذات الصلة والمطابقة للمواصفات. وبالمقابل يتم إعادة تقييم وتسجيل المبيدات المتداولة والمنتشرة في محلات بيع المبيدات وفي المخازن والمستودعات .. ووفق القانون يتم التخلص من المبيدات المخالفة للمواصفات المصرح بها ، أو إعادتها إلى بلد المنشأ بالطرق المعروفة والمعتادة .. ولابد أن تلك الإجراءات ستسهم في الحد من استيراد المبيدات المغشوشة رديئة الجودة. ومن الأهمية تعميم قائمة المبيدات المحظورة في اليمن استناداً إلى قوائم المبيدات الخطيرة الممنوعة التي أعدتها المنظمات الدولية وأوردتها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بسموم هذا الزمن .. إضافة إلى ضرورة قيام الجهة المعنية بتنظيم وتقنين عملية استيراد المبيدات وفقاً للاحتياج الفعلي الذي يمكن تحديده بالاستعانة بخبراء متخصصين استناداً إلى معرفة آفات وأمراض النبات الموجودة في اليمن. الجانب الآخر الذي يشكل أهمية بالغة هو ضرورة إعداد برنامج متكامل للتوعية يتضمن إقامة ندوات توعوية ودورات تدريبية للفئات المستهدفة «تجار المبيدات ، المزارعين ، الفنيين الزراعيين ، طلاب المدارس ، الأطباء والإعلاميين» .. بحيث تتضح للجميع مخاطر المبيدات والاستخدام الآمن لها والطرق السليمة لتداولها ، على أن تسخر لمهمة التوعية مختلف الوسائل الإعلامية وجميع القنوات والوسائل المتاحة كالمدارس والمساجد. ولأهمية دور حملات الرقابة والتفتيش يجب تفعيل هذا الدور وجديته ليشمل بقية محافظات الجمهورية إلى جانب أمانة العاصمة .. والعمل على إصلاح الأحوال الإدارية التي تسببت في حدوث الاختلالات في أمور الرقابة وفي تطبيق القوانين المتعلقة بالمبيدات السامة .. وأبسط مثال على ذلك أن اليمن وبموجب بيانات وزارة الزراعة تستورد المبيدات من (68) شركة من مختلف دول العالم ، منها (21) شركة فقط مطابقة للمواصفات وفقاً للقانون .. وما تبقى من الشركات البالغ عددها (47) شركة فمازالت مخالفة للمواصفات ، وتلك طامة كبرى على اليمن الميمون. المؤشر الثاني على تردي أحوال الرقابة على هذه الشؤون هو العثور على كمية كبيرة من المبيدات السامة مدفونة في أحد أحياء العاصمة صنعاء ، وذلك يشكل خطورة بالغة على حياة أبناء اليمن وعلى البيئة ، حيث ربما تكرر الأمر في عدد من المحافظات اليمنية وهذه بالفعل إحدى الكوارث البيئية والحياتية .!!. تلك هي الخلاصة التي تنبئ بجلاء عن سوء الحال واستفحال هذا الداء لعدة سنوات مما يحتم على الدولة سرعة الاستجابة والتفاعل الإيجابي مع هذه القضية بشكل واضح ومعلن .. فخطورتها تتمثل في أنها تمس حياة أبناء هذا الوطن بل حياة الأرض والزرع والضرع ، كما تمس نقاء وصفاء البيئة في اليمن. لذلك فالأمر يتطلب المزيد من الحزم والحسم واتخاذ الإجراءات الكفيلة بسلامة البشر .. والأرض والشجر .. ولا مجال للتساهل .. ونعومة التعامل، ولابد أن تحارب هذه الظاهرة الخطيرة بشتى الوسائل .. وأول إجراء يفترض أن يُتخذ هو اعتبار كل من يُدخل المبيدات السامة القاتلة غير المصرح بها إلى البلد تهريباً أو استيراداً فهو مع سبق الإصرار والترصد آثم قاتل .. وكل من تساهل أو تغاضى عن هذا الأمر من المعنيين بالرقابة والضبط فهو آثم متضامن مع أولئك القتلة ، ويجب تقديمهم جميعاً إلى القضاء ليقول فيهم كلمته وحكمه العادل .. فهل تصحو الضمائر وتتحرك الجهات المعنية بصورة أكثر فاعلية لحماية الإنسان والأرض من تلك الأضرار الكارثية..؟! وتلك هي القضية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك