الحديث عن أية قضية تهم الإنسان أو تتعلّق بشؤون الوطن الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو تناقش أحوال التعليم الأساسي أو التعليم العالي، وغياب المراكز البحثية يشكّل دون شك أهمية كبيرة، ولابد أن لتناول أي شأن من تلك الشؤون تأثيره الإيجابي كونه يتعلّق بحاضر ومستقبل الإنسان في اليمن بلد الإيمان والحكمة والحضارة، أما الأمر البالغ الأهمية فهو الحديث عن عِظم قدر النفس البشرية وعمّن يستهين بقتل البشر والشجر وإفساد الأراضي الزراعية منبع كل خير.. الحديث عمن يرون المتاجرة بحياة الناس حلالاً، ويرون الكسب الحرام من تجارة السموم القاتلة أمراً اعتيادياً تعوّدوا عليه دون وازع ضمير، متجاهلين قول الخالق العظيم سبحانه في كتابه الكريم: «ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق» ومتناسين أن من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً، كما أكد المولى عزّ وجل هذا المعنى في القرآن العظيم، وأكد نفس المعنى الحديث الشريف: «كل المؤمن على المؤمن حرام؛ دمه وماله وعرضه» صدق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. في ظل هذه الأحوال التي لا تسرُّ لايزال البلد يعاني أشد المعاناة من الأضرار الفادحة للمبيدات والسموم الضارة التي تُستخدم في المزارع بجهل وعشوائية؛ سواء المبيدات عالية السمّية التي تروى وترش بها أشجار «القات الخبيثة» أم التي تُستخدم على الفواكه والخضروات لأنها غير مطابقة للمواصفات التي نصّ عليها قانون تنظيم تداول مبيدات الآفات النباتية، وكل ذلك عرّض الأرض والنبات والإنسان والبيئة للخطر، فضحايا تلك السموم عديدة، والأمراض الخطيرة التي تصيب الإنسان كأمراض السرطانات والكبد والكلى في تزايد مستمر، وجرّاء سوء استخدام المبيدات وعدم الوعي بخطورتها يتزايد الإضرار بالأراضي الزراعية وإتلاف المحاصيل ويتكرّر، حدثت كل تلك المصائب ولاتزال تحدث، ومرتكبو تلك الجرائم والمخالفات يتمتعون بحرية النهب والكسب الحرام، فالضمائر ميتة والقلوب كالحجر. ولا شك أن استمرار هذه الظاهرة ناتج عن أسباب عديدة أهمها وأبرزها عدم تفعيل قانون تنظيم تداول مبيدات الآفات النباتية الصادر قبل حوالي عشر سنوات، وغياب الإرشاد والتوعية بالاستخدام السليم والآمن للمبيدات؛ وكذلك عدم التوعية بمخاطرها وكيفية الوقاية من أضرارها على الإنسان والأرض والنبات، إضافة إلى التهريب وما يجلبه من وبال على البشر والأرض والشجر، وما يسبّبه للاقتصاد الوطني من ضرر. ومن الأسباب المهمة أيضاً ضعف ونعومة دور الرقابة والتفتيش على عملية تداول المبيدات في أسواق أمانة العاصمة وجميع محافظات الجمهورية، حيث كان يمكن رصد حركة توزيع المبيدات وضبط الأنواع المخالفة للمواصفات المصرّح بها، وكذا ضبط المبيدات المهرّبة أو المنتهية الصلاحية. ومن جانب آخر التفتيش على وجود تراخيص مزاولة المهنة وصلاحيتها، ومعرفة مدى التزام محلات البيع ومخازن المبيدات بتنظيم تداولها، ومطابقة تلك المحلات للمواصفات الفنية. فمن المسؤول عن حماية الأرض والأرواح البشرية في العربية السعيدة..؟!. والحديث لم يُستكمل بعد عن هذه القضية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك