مما يؤسف له أن هناك أكثر من ( 13 ) مليون طفل عربي عامل وفقاً لآخر إحصائيات منظمة اليونيسيف نظراً لما تعانيه أوضاع الطفولة في العالم العربي من تناس وإهمال .. ونتيجة للنظرة المتدنية لهذه الشريحة العريضة من الأطفال .. أليست تلك كارثة إنسانية ..؟ وهل تستحق هذه الشريحة التي تشكل معظم سكان العالم العربي الاهتمام والرعاية ..؟ أم إن قضايا السياسة وشؤونها قد حازت جل الاهتمام وطغت على جميع الشؤون الخاصة منها والعامة .. وفي مقدمتها شؤون الأطفال جيل المستقبل ورواد المراحل القادمة ..؟ تلك هي الحقيقة التي يلمسها الجميع للأسف ومع ذلك لا يتم التعامل مع المشكلة إلا من خلال المزيد من الخطب العصماء لذوي المقام العالي والاحتفاليات .. للتغني بحقوق الطفل ومختلف شؤونه بينما يتعرض العديد من الأطفال العرب لمختلف أشكال الحرمان والانتهاكات .. وكثير منهم يعانون من الخوف والرعب جراء الحروب وما تجلبه من دمار وخراب وإزهاق للأرواح والممتلكات .. وآخرون يعيشون حياة غير مستقرة وغير آمنة لفقرهم وما يسببه لهم من عوز وفاقة .. ويحرمهم من أن يعيشوا سنهم حيث يُجبرون على تحمل مسؤولية المعيشة ومتطلبات الحياة مبكراً بل إن البعض منهم يعول أسراً كاملة رغم ما في ذلك من جهد ومشقة .. والأخطر من ذلك كله أن ظاهرة عمالة الأطفال في تزايد مستمر وآخذة في الانتشار بلا حدود.. والنماذج لذلك عديدة حيث يعمل الأطفال في مجالات مختلفة دون قيود .. فهناك من يعمل في مجال البيع والشراء على أرصفة الشوارع والطرقات .. أو بيع ونقل الخضروات والفواكه أثناء تجولهم في الشوارع والأسواق بالعربات .. وهناك أطفال يعملون بالأجر في المطاعم والمقاهي وغيرهم يعملون في ورش الحدادة أو النجارة أو في ورش إصلاح السيارات .. وآخرون يعملون في محلات تغيير الزيوت والشحوم والإطارات .. هذه نماذج لعمالة الأطفال وغيرها الكثير الأمر الذي ربما يتسبب في تعرض معظم الأطفال للضياع والانحراف وذلك أس البلاء .. والخلاصة أن كل ذلك يخالف تماماً الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل التي تناهض عمالة الأطفال رمز البراءة والنقاء .. يضاف إلى ذلك كارثة أطفال الشوارع الذين يهيمون على وجوههم دون هدف .. متخذين من الشوارع مأوى لهم أو أماكن مفتوحة لكسب القوت اليومي في أي ظرف .. وتلك ظاهرة خطيرة أسوأ من سابقتها لما لها من آثار سلبية على الكيان الاجتماعي حيث ينشأ عنها بعض السلوكيات المنحرفة .. كالتسول والسرقة والتسكع في الشوارع وربما تعاطي المخدرات أو الدعارة وغيرها من السلوكيات غير السوية التي تمارس بطرق مختلفة .. ومن المؤكد أن لتلكما الظاهرتين أسباباً ودوافع تتصدرها العوامل الاجتماعية والاقتصادية .. وكذلك التفكك الأسري وضعف الروابط العائلية .. إلى جانب الفقر الذي يشكل سبباً رئيسياً في قيام بعض الأسر الفقيرة بدفع الأطفال للعمل نظراً لسوء ظروفها المعيشية .. وهناك أسباب ودوافع أخرى يفترض أنها تعرضت للدراسات الاجتماعية .. في سبيل توضيح الصورة كاملة لهذه الظواهر وبالتالي لابد أن تقوم الجهات المعنية من القاعدة إلى القمة.. بوضع المعالجات والحلول المناسبة لدرء تلك المخاطر الجمة .. التي تهدد مستقبل أطفالنا فلذات أكبادنا بل وتهدد مستقبل المجتمعات العربية .. فأطفال اليوم هم جيل الغد رواد عصر المعلومات والتطورات التكنولوجية .. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك