يعاني كثير من شعوب العالم من العنف بأشكاله المختلفة، وتتعدد استخداماته التي تتم بأحدث الأساليب العصرية .. وإضافة إلى العنف الذي يعاني منه البشر في واقع حياتهم في مشارق الأرض ومغاربها جراء الحروب والنزاعات المسلحة واغتصاب الأراضي واحتلال البلدان بقوة السلاح إلى جانب النزاعات السياسية ..هنالك عنف من نوع آخر وسلوكيات غير سوية يتلقاها الناس عبر الإنتاج السينمائي وعبر القنوات التلفزيونية الفضائية، وعن طريق ما تنتجه شركات الألعاب الإلكترونية .. وكان لهذه الوسائل الإعلامية تأثيرها السيئ على منظومة القيم السامية ..فقد عمدت إلى ترسيخ القيم المادية والاستهلاكية في الأذهان . وتؤكد الدراسات والأبحاث الاجتماعية التي أجريت على الأنماط ومختلف أشكال الإنتاج السينمائي ، وكذلك على الإنتاج الترفيهي في الألعاب بشتى الأنواع والألوان .. أن ذلك الكم الهائل من الإنتاج يروج للعديد من أشكال العنف والقيم الهدامة في مختلف المجتمعات وعلى مختلف الأعمار، وتلك كارثة كبرى تهدد مستقبل الأجيال وتعرضهم لمشكلات جمة. وأحدث أساليب العنف هي قيام العديد من شركات الإنتاج ووسائل الإعلام باستخدام أفلام ومسلسلات الأطفال والألعاب الكرتونية والإلكترونية كوسائل لتجسيد العنف وتكريس مفاهيمه .. وتلك ظاهرة خطيرة تسببت في تغيير مفاهيم كثير من الأطفال ، ولها مخاطر متعددة أهمها ما يصيب الطفل من تأثيرات نفسية وسلوكية وتربوية تؤدي إلى نتائج وخيمة . كما يؤكد الباحثون بأن معظم الإنتاج الإعلامي الوافد عبر القنوات الفضائية ، أو إنتاج الألعاب الإلكترونية تشكل خطورة كبيرة .. بعد أن غزت كل بيت وتسللت مضامينها وأفكارها المسمومة إلى عقول الأطفال والشباب في مراحل عمرية خطيرة .. حيث تتشكل لديهم خلال هذه المراحل القيم والمبادئ والسلوكيات . أما علماء النفس والاجتماع فقد حددوا التأثير المباشر للأفلام والألعاب الكرتونية والإلكترونية على الأطفال والشباب في عدد من السلبيات .. ويأتي في مقدمتها إهدار الوقت وعدم الشعور بأهميته، وتغيير المفاهيم الصائبة حيال الثوابت الوطنية والقومية والمعتقدات .. وكذا خلق مشكلات نفسية وسلوكية تهدد التماسك الاجتماعي ، والعمل على مسخ الهوية الفردية والجماعية . وقد صدرت العديد من التنديدات والتحذيرات من قبل المنظمات والجهات المعنية بسلامة الأطفال جراء تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة التي كانت سبباً في تصاعد حدوث الجرائم والأحداث الغريبة خلال السنوات الماضية .. ونتيجة للارتفاع الكبير في معدلات العنف وتجسيد أشكاله المتعددة عبر تلك الوسائل الإعلامية كالقتل ومص الدماء وتمجيد الشر والأرواح الشريرة وغيرها من أشكال العنف المذمومة . وأمام هذه الظاهرة يجب أن يتحمل جميع المعنيين مسؤولياتهم لدرء أخطارها فالمسؤولية مشتركة لحماية المجتمع ، ووضع حد لخطورة الغريب من المفاهيم والثقافات الهدامة .. حيث تتسرب تلك المفاهيم إلى عقول الأطفال والشباب جراء إصرار القوى الخفية على تشويه قيم التسامح والأخلاق الحميدة التي توارثتها الأجيال .. والتشكيك في كل ماله علاقة بالثقافة العربية والإسلامية ، وكل ما يتصل بالثوابت الوطنية والدينية سعياً لتحقيق الأهداف الخبيثة التي تسخر لها جميع الوسائل الحديثة والإمكانات العلمية والأموال . ولأن المسؤولية مشتركة فلابد أن يؤدي الجميع أدوارهم بنية صادقة ، الأسرة والمدرسة والمؤسسة الدينية والثقافية والإعلامية ، والعمل على توثيق صلة المجتمع بتراثه وثقافته ، وترسيخ القيم والمبادئ الأخلاقية وتكريس ثقافة التسامح والعدالة .. وإحياء الروابط الاجتماعية والثقافية ونشر الأفكار والأهداف النبيلة. ولا نغفل أهمية العمل على نشر المعرفة بأخطار ظاهرة العنف التي تحملها تلك المواد السينمائية أو الألعاب الإلكترونية أو المسلسلات الكرتونية. كل ذلك لا يعفي المعنيين بوزارة الثقافة من متابعة الإنتاج المرئي كالأفلام والألعاب التي يتم تداولها عبر محلات البيع والتأجير، وفرض رقابة دورية على ما قد يتم تسريبه أو تهريبه من تلك المواد المرئية .. لما قد تحمله من أفكار وأهداف تضر بالأطفال والشباب أمل الحاضر وعماد المستقبل ، كما أن الأسرة معنية بشكل كبير بمعرفة ما يتلقاه الأبناء من معلومات وأفكار قد تؤثر على عقولهم وسلوكياتهم سواء عبر شاشة ( الكمبيوتر) أو عبر شاشات القنوات الفضائية أو عبر ( الإنترنت ) الشبكة العنكبوتية .. فهناك العديد من الآباء يقعون في خطأ عشوائية أو سوء اختيار المواد المرئية لأبنائهم سواء الأفلام أو المسلسلات التي قد تكرس مفاهيم العنف المتعددة ..وربما تكرس لمفاهيم غير سوية لا تتناسب مع القيم والأخلاق والدين ، تؤثر على سلوكيات الأبناء ونفسياتهم بل وتؤثر على جميع شؤون حياتهم بصورة أكيدة . ويظل الوعي الاجتماعي والثقافي لدى جميع الأطراف هو الحصن الحصين لحماية الأطفال والشباب من تجار العنف والمروجين له بمختلف الطرق والوسائل القديمة والجديدة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك