غالباً ما نفقد القدرة على تحديد الأولويات في حياتنا لأسباب عديدة من أهمها التعصب وانعدام الموضوعية. وليس هذا هو الموضوع الذي نحن بصدده اليوم إنما هو نتيجة لطريقة التفكير المعتمدة على هكذا أسباب. ففي العديد من الدورات وورش العمل حول الحقوق والحريات الخاصة بالمرأة والطفل نجد من يركز على موضوع الحجاب وللأسف نجد أن هناك من يحاول الحشد حول الموضوع والحصول على مناصرة تتناقض مع منظومة القيم الأخلاقية والتشريعية التي تميزنا كمسلمين و«مسلمات». بكل أسف هناك من النساء من تحاول إخراج النص الشرعي من قالب الفرض والواجب إلى قالب السنة المستحبة أو من قالب الواجب إلى قالب الحق ، والمهم في الأمر أن مثل هؤلاء من الرجال أو النساء مسئولون عن حالة التمرد والفوضى التي تظهر من وقت إلى آخر حول قضايا متعلقة بحقوق المرأة التي لا ينبغي أن تؤخذ كذريعة للتطاول على أحكام شرعية مفروغ منها. آخر تلك القضايا ما تثيره بعض الأوساط الداعية بحقوق المرأة، والذي يتمثل في انتقاد لون الحجاب الذي ترتديه المرأة «الأسود»، وكأن جميع المظالم التي تعاني منها المرأة قد تم الاحتكام فيها إلى مبدأ العدالة ما عدا هذا الأمر الذي شغل قلوب الدعاة إلى فساد عقولهم فما الذي يؤذيهم في حجاب المرأة وما الذي يعنيهم في لونه ؟!.. إن لبعض التقليعات التي تظهر بها بعض نساء المسلمين أثراً كبيراً في إثارة مثل هذه القضايا وتكوينها من العدم، إذ أن المخالفات المتعلقة بشكل ولون الحجاب الإسلامي جعلت لذوي الأفكار المتقزمة رؤية رخيصة وثغرة قذرة ينفذون من خلالها إلى جسد التشريع عبر قناعات المسلمين المتذبذبة، ولو أن طاعتهم لله ورسوله كانت صادقة ومبنية على القاعدة القرآنية : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم..) لما كان موقفهم من حجاب المرأة المسلمة على ماهو اليوم، ولما وجد المتطفلون على ديننا مثل هذه الفرص للنيل من مقاصد شريعتنا الغراء. لذا نقول بضرورة تفعيل الدور الرقابي للمجتمع على بعض المنظمات الداخلية والخارجية وفرض العقوبات اللازمة على ما يتعدى منها بنود هيكلته الاجتماعية ورسالته الإنسانية. كما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار حضور الدور الحكومي عبر الجهة المختصة بحماية المجتمع والحفاظ على أمنه الفكري والعقائدي. نعم أسود ونعم يجب أن يكون ارتداؤه مبنياً على قاعدة الحشمة، لأن الأصل في الحجاب أن يحجب خلفه ما يحرم على الآخرين رؤيته، لذا فإن الحجاب الحقيقي والشرعي هو الحجاب الذي لا يصف ولا يشف ولا يلفت النظر. فهل تلتزم نساء المسلمين اليوم بصفات الحجاب الشرعي حتى لا يتركن لأعداء الإسلام مجالاً للتطاول على حق من حقوقهن؟!