الأحداث الأخيرة المؤلمة والخطيرة التي لم تستثن محافظة أو منطقة يمنية دون أخرى كشفت القناع بل وأماطت اللثام عن وجوه أشد عداء لليمن وأبنائها. إن مراجعة فاحصة ومتأنية لاستهدافات تلك القوى الظلامية والإجرامية بحق الأمة والوطن قد تجاوزت كافة الخطوط والحمراء منها بالذات.. وجسدت نوازعهم الخبيثة وثقافاتهم المريضة والحاقدة حتى على الطفولة البريئة تفجيرات لعبوات وأحزمة ناسفة تغتال الأبرياء وتمزقهم أشلاء هنا وهناك من البيضاء إلى ذمار وإب وصنعاء والحديدة وتعز وأبين وشبوة وعدن ومأرب والجوف وحضرموت وعدن ..إلخ استهداف بالقذائف للنقاط الأمنية الراجلة والراكبة والثابتة هنا وهناك أدت إلى استشهاد الكثير من القيادات العسكرية والأمنية وضباط وأفراد القوات المسلحة والأمن. حقيقة هي سلوكيات وتصرفات إجرامية أثارت الرعب وأقلقت سكينة المجتمع وبغت وتمادت في غيها في ظل صراعات الأحزاب ولهثها دون وعي صعوداً في سلم السلطة والذي فعلاً صار الجالس عليه كالراقص على رؤوس الأفاعي وليس الثعابين فقط.. وما يذهل الفكر والعقل أن يحدث هذا في بلد الإيمان والحكمة.. هذا البلد الذي تصدر حكماؤه وعقلاؤه وعظماؤه طليعة الفاتحين والمدافعين عن الإسلام الذي يساء إلى قائد رسالته النبي محمد عليه الصلاة والسلام وقادتنا كما غيرهم تائهون ومشغولون في شئونهم ولا يضعون لمآل شعوبهم وأمتهم ودينهم أي حساب. إن واقع الحال صار يفتقد للمرجعيات والحكماء والعظماء الذين كانوا أعلاماً مضيئة في الخطوب والأحداث ورغم خلافاتهم ورؤاهم كانوا في حال الخطوب والأحداث التي تشكل خطراً على أمتهم وأوطانهم على قلب رجل واحد يتداعون إلى السباق في وضع الحلول ووقف ومعالجة كل الأوجاع والآلام وبتر كل مسببات إذكاء أوار الفتنة والمشاحنة والبغضاءين أفراد المجتمع. في اعتقادي أن اليمن ومجتمعنا لم يسبق أن عانى مما يعانيه اليوم عبر التاريخ فاليمنيون الذين شيدوا حضارات أرض الجنتين التي وصفها المولى عز وجل في كتابه الكريم وكانوا قادة للرأي والفكر والحوار والفتوحات الإسلامية، ومن هنا نتساءل هل صارت اليمن كأداء بالرغم من كثرة المفكرين والقادة والحكماء الذين من المجاز وصفهم بكثرة غثاء سيول الأمطار، هل ما يعتمل في الساحة من أحداث وما ينبرى عنها من خطوب ومخاطر كارثية على الأمة والوطن لم تعد تعنيهم، وإذا كانت لا تعنيهم فهل صاروا أقرب إلى فقدان هويتهم إذا ما أدركنا أن الهوية هي الوطن وأن من لا هوية له لا وطن له. أسئلة تعتصر ألماً ومرارة يفرزها ويفرضها الواقع على كل يمني.. لماذا نحترب ولماذا نتقاتل.. العظماء هم من يدوسون في مثل هذه الظروف أنانيتهم ويتنكرون لذاتهم ومصالحهم ويعملون بجد وجهد وإخلاص لمصلحة أمتهم وأوطانهم.. العظماء هم من يرفضون كل إغراءات الحياة الزائلة ويرسمون لأوطانهم وشعوبهم مستقبلاً أكثر بهاءً وإشراقاً العظماء والحكماء هم من يكونون في حال المحن طليعة من يدافعون عن كرامة الأمة ويذودون عن حمى الوطن. بالله عليكم اليمن تتجاذبها مصالح وأطماع أعدائها فمن سينقذها إذا لم تصحو ضمائر النائمين والمهادنين وإذا لم تزل النظارات السوداء من على وجوه الخائبين.. وإذا لم تصحو فينا روح الوطنية قادة عسكريين وأمنيين وعلماء وسياسيين وأدباء ومفكرين ومرجعيات.. بالله عليكم بمن نستنجد بعد الله غير بالذين لا تزال آمال الأمة الأليمة تعلق عليهم أمالها في صحوة ضمائرهم والعمل بكل همة وجهد ومثابرة لانتشالها من الواقع السحيق.. وحفظ الله اليمن من كيد أعدائها.. وحفظ الله اليمن من دناءة عملائها.. وحفظ الله اليمن من فقدان ضمير بعض أبنائها.. وحفظ الله اليمن من شرور وغايات ومطامح المتربصين بطيبة أبنائها ونقاء هوائها.. وميزة طبيعة أرضها وموقعها الغالي والثمين وحفظ الله اليمن في كل وقت وحين..