لم يعد أمامنا من حديث يمكن أن نستلهم منه الأفكار والرؤى التي تعزز من توجهات البناء في ظل الأوضاع المتأزمة التي تواجه اليمن واليمنيين منذ الأربع السنوات الماضية.. أزمات مستمرة لا تهدأ أو تنام وإن أطفئت نيرانها لبرهة من الوقت سرعان ما تعود للاشتعال وبشكل أكبر مما كانت عليه!.. أزمة وراء أزمة وحديثنا هو نفسه يدور في نفس الدائرة التي لا نريد أن نغادرها أو نبتعد عنها ولو قليلاً في اتجاه الأمام..، وإن بدت بعض المؤشرات إلا أنها سرعان ما تذوب وتنتهي!.. يتفق الفرقاء السياسيون بأن ما يحدث أو ما تشهده البلاد لا علاقة له بالمناطقية والطائفية والمذهبية، إلا أن الفرقاء أنفسهم سرعان ما يتناسوا ما اتفقوا عليه ليعودوا إلى دائرة المناطقية والطائفية والمذهبية نفسها!.. المشكلة الرئيسية التي يعاني منها اليمن تكمن في السياسيين الذين يدعون حرصهم على الإصلاح وتجاوز كل الاختلالات ونراهم يهرولون لوضع المزيد من الصعوبات والعراقيل التي تقود إلى التأزيم أكثر وأكثر!.. في الاجتماع الأخير الذي عقده محافظ تعز شوقي أحمد هائل مع المكونات والشخصيات الاجتماعية بالمحافظة الأحد الماضي تم التأكيد على النأي بالمحافظة عن المناكفات والمكايدات والمماحكات ونبذ الدعوات المناطقية والمذهبية والطائفية التي يحاول البعض التمترس خلفها في مواجهة الأزمة الراهنة.. تلك التأكيدات تشير إلى خطورة الأزمة التي نعيشها اليوم والتي قد تقود إلى ما لا يحمد عقباه إن لم يتم التعامل معها بعقلانية وحكمة بعيداً عن أية إفرازات مناطقية وجهوية وطائفية.. ومن المؤسف أن يذهب البعض في هذا الاجتماع إلى طرح قضايا يشتم من ورائها رائحة المناطقية المقرفة وتعمل على إذكاء النعرات الطائفية والمذهبية المضرة.. ومن تلك الأطروحات التأكيد على أهمية استقلالية جميع المكونات السياسية بالمحافظة عن المركز والدعوة إلى ضم محافظة إب إلى المنطقة العسكرية الرابعة!!.. هؤلاء الذين طرحوا مثل هذه الدعوات يغردون خارج سرب الاصطفاف الوطني ويهدفون إلى تأجيج الأزمة القائمة وتعكير صفو المحافظة وأمنها واستقرارها وينقلون صورة سيئة عن تعز، وعن العاصمة الثقافية لليمن.. ما الذي يقصده هؤلاء باستقلالية جميع المكونات السياسية بالمحافظة وإلى ماذا يرمون في دعوتهم لضم محافظة إب إلى المنطقة العسكرية الرابعة؟!.. دعوات تخفي وراءها مشاريع تمزيقية قذرة، ونعرات مناطقية ومذهبية مقززة، ويقف وراءها قيادات جبلت على الرقص على أوجاع ليس أبناء الشعب في تعز وإنما على اليمنيين جميعاً.. تعز التي يدعي هؤلاء حرصهم على أمنها واستقرارها لم تكن ذات يوم وعبر تاريخها الطويل إلا جزءاً من اليمن الواحد الكبير، وتعز المعروفة بثقافة ووعي أبنائها لن تكون حكراً على التعزيين أو على “الشوافع” كما سمعنا مؤخراً من البعض وإنما هي لليمنيين جميعاً وستبقى جزءاً من اليمن.. ولن تعرف طريقاً آخر!.. تعز.. تاريخها يماني أصيل..، وهواؤها يماني، ولن تكون لجماعة أو لفئة دون أخرى بل ستظل وتبقى تعز لكل اليمنيين والجزء الأصيل والمكمل لليمن التاريخ والجغرافيا..